أجرت كوريا الشمالية ما يعتقد أنها أكبر عملية إطلاق صواريخ قامت بها منذ عام 2017.
ويرجح أن الصواريخ المستخدمة في تلك التجربة كانت متوسطة المدى، إذ انطلقت إلى مسافة نحو 2000 كيلو متر قبل أن تسقط في بحر اليابان.
وأدانت اليابان، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة التجربة الصاروخية السابعة التي أجرتها كوريا الشمالية هذا الشهر.
وتحظر الأمم المتحدة على بيونغيانغ إجراء تجارب صواريخ باليستية وتجارب نووية، كما تفرض عليها عقوبات صارمة جراء انتهاك هذا الحظر.
لكن هذه الدولة في شرق آسيا تتحدى العقوبات الأممية، كما يتعهد زعيمها كيم جونغ أون بتعزيز دفاعات بلاده.
ويرجح خبراء أن هناك عدة أسباب لإجراء بيونغيانغ هذه التجارب الصاروخية المتلاحقة؛ وأبرزها أنها تحمل إشارات سياسية إلى قوة البلاد موجهة إلى القوى الدولية والإقليمية، كما أنها قد تكون بدافع من رغبة الزعيم الكوري الشمالي في الضغط على الولايات المتحدة في اتجاه العودة إلى طاولة المحادثات النووية التي توقفت منذ وقت طويل، علاوة على الحاجة العملية لهذه التجارب من أجل اختبار نظم هندسية وعسكرية جديدة.
كما يرى مراقبون أن هناك دلالة هامة لتوقيت تلك التجارب أيضا، وهي أنها تأتي قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي من المقرر إقامتها في الصين. وتأتي قبل الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية التي تُجرى في مارس/ آذار المقبل.
وتتصاعد وتيرة تلك التجارب وسط حالة من الضعف يعاني منها اقتصاد كوريا الشمالية بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وغيرها من قوى الغرب على بيونغيانغ، علاوة على المعاناة من الوباء، وسوء الإدارة الذي يستمر منذ عقود طويلة.
"إجراءات من شأنها زعزعة الاستقرار"
وأعلنت كوريا الجنوبية أن التجربة الصاروخية أُجريت في الساعة 7:52 صباحا بالتوقيت المحلي الأحد من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية.
وقالت اليابان إن التجربة كانت لصواريخ يصل مداها إلى 2000 كيلو متر، وأنها حلقت لمدة نصف ساعة لمسافة حوالي 800 كيلو متر.
وطالبت واشنطن بيونغيانغ "بوقف الإجراءات التي من شأنها زعزعة استقرار" المنطقة.
وكان يناير/ كانون الثاني الجاري هو الشهر الذي شهد نشاطا قياسيا في أعمال البرنامج الصاروخي لكوريا الشمالية، إذ سقط العديد من الصواريخ قصيرة المدى في البحر بعد إطلاقها.
وقال مون جاي إن، رئيس كوريا الجنوبية، إن سلسلة الاختبارات الصاروخية التي تجريها بيونغيانغ تذكرنا بتصاعد التوترات في 2017 عندما أجرت كوريا الشمالية تجارب صاروخية وأطلقت صواريخ حلق بعضها فوق الأراضي اليابانية.
وقالت وكالة أنباء يونهاب في كوريا الجنوبية إن الصواريخ التي أُطلقت في إطار تجربة الأحد تبدو أشبه بالصواريخ من طراز هواسونغ-12 الذي اختبرته كوريا الشمالية في 2017.
وأعلن كيم جونغ أون في 2018 وقفا اختياريا لاختبارات الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات الأطول مدى لدى كوريا الشمالية.
لكن الزعيم الكوري الشمالي أعلن في 2019 أن بلاده لم تعد ملتزمة بهذا الوقف الاختياري للتجارب الصاروخية.
وفرض البيت الأبيض المزيد من العقوبات على بيونغيانغ في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الجاري ردا على تجارب صاروخية سابقة. كما توقفت المحادثات النووية بين البلدين منذ فترة طويلة.
كوريا الشمالية: اجتماع طارئ لمجلس الأمن بعد إعلان بيونغيانغ نجاح تجربة صاروخية جديدة
لماذا تطلق كوريا الشمالية سلسلة تجارب صاروخية غير عادية؟
وقال دانيال بنكستون، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تروي المقيم في كوريا الجنوبية، لبي بي سي، إن كوريا الشمالية تجري اختبارات صاروخية لأربعة أسباب؛ لأغراض هندسية تستهدف اختبار نظم جديدة، وبغرض إجراء تدريبات عسكرية، وإرسال إشارات قوة إلى عدة جهات، علاوة على الإعلان عن منتجاتها من تلك الأسلحة لمن يريدون الشراء.
وأضاف أن كوريا الشمالية تبعث بإشارات إلى القوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة ومجلس أمن الأمم المتحدة، لكنها أيضا ترسل تلك الإشارات إلى أعدائها الإقليميين في شبه الجزيرة الكورية.
وتابع بنكستون: "هناك انتخابات رئاسية في كوريا الجنوبية في غضون شهر، لذا ما يجري الآن يتفق ونهج سابق لكوريا الشمالية يتضمن محاولة لترهيب كوريا الجنوبية والرئيس القادم".
وأشار إلى أن هناك أيضا "جمهور محلي داخل كوريا الشمالية، والذي أعتقد أن الكثيرين يقللون من شأنه. لكني أعتقد أن تلك الإشارات بالنسبة للجمهور داخل كوريا الشمالية تشدد على القوة والإصرار وسلطة القيادة".
وقال محلل آخر إن الصواريخ التي جُربت في وقت سابق من هذا الشهر ألقت الضوء على أن بيونغيانغ تطور تكنولوجيا يمكنها التغلب على الدفاعات الجوية باهظة التكلفة التي تنشرها الولايات المتحدة واليابان في المنطقة.
وقال القائد السابق في البحرية الكورية الجنوبية كيم دونغ يوب: "إنهم يريدون أن يكون لديهم سلاح ردع يشبه ذيل العقرب".
وأضاف: "الهدف الرئيسي لكوريا الشمالية ليس الهجوم، ولكن الدفاع عن أنفسهم. إنهم يحاولون تأمين قدرات ردع متنوعة".
وقال أوك يانغ، زميل مركز دراسات السياسة الخارجية والأمن الوطني: "يبدو أن كيم يريد الضغط على واشنطن وبكين على خلفية العقوبات قبل الأولمبياد".