أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجمعة، عن قلق موسكو إزاء حشد تنظيم الدولة الإسلامية لقواته في شمال أفغانستان، بالتزامن مع مغادرة القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي البلاد.
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن لافروف قوله: "نحن قلقون لأن تنظيم الدولة الإسلامية يكتسب أراض، معظمها في شمال أفغانستان مباشرة على حدود دول حليفة لنا، وسط السلوك غير المسؤول لبعض المسؤولين في كابول، ووسط انسحاب متسرع لحلف شمال الأطلسي".
وغادرت آخر القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، الجمعة، قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مركز الحرب ضد المسلحين منذ حوالي 20 عاماً، ما يشي بأن الانسحاب الكامل بات وشيكاً.
ويأتي انسحاب القوات الأمريكية من قاعدتها المترامية الأطراف، شمال كابول، مع تقارير عن تقدم طالبان في أجزاء كبيرة من أفغانستان.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قال إن القوات الأمريكية ستغادر نهائياً بحلول 11 سبتمبر/ أيلول من هذا العام، في الذكرى السنوية للهجمات على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001.
وأعلن تنظيم القاعدة الذي كان يتخذ من أفغانستان مقراً له في ذلك الحين، بدعم من جماعة طالبان، مسؤوليته عن الهجمات.
وشكلت الولايات المتحدة تحالفاً بقيادتها في أفغانستان في وقت لاحق من ذلك العام لضرب الجماعتين.
وترغب أمريكا بانسحابها إنهاء أطول حرب خاضتها، تكبدت فيها خسائر فادحة في الأرواح البشرية ونفقات باهظة، تاركة الأمن للحكومة الأفغانية.
وكان يُعتقد أن ما بين 2500 و3500 جندياً أمريكياً لا يزالون في أفغانستان حتى وقت قريب، وعندما يغادرون، سيبقى أقل من ألف جندي فقط.
وبدءاً من مايو/ آذار، كان هناك حوالي 7 آلاف جندي آخر من قوات التحالف في أفغانستان، لكن يُعتقد أن معظمهم غادروا الآن، إذ أعلنت ألمانيا وإيطاليا انتهاء مهمتيهما الأربعاء.
في غضون ذلك، اجتاحت حركة طالبان عشرات المقاطعات، وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة بعد رحيل القوات الأجنبية.
لماذا تعتبر باغرام مهمة للغاية؟
يقع مطار باغرام على بعد حوالي 40 كيلومتراً شمال كابول وسمي على اسم قرية باغرام القريبة.
وشيدته موسكو عندما احتل الاتحاد السوفيتي السابق أفغانستان في الثمانينيات.
قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة إليه خلال ديسمبر/ كانون الأول 2001، وطورته ليصبح قاعدة عسكرية ضخمة قادرة على استيعاب ما يصل إلى 10 آلاف جندي.
يحتوي المطار على مدرجين، يبلغ طول أحدثهما 3.6 كيلومتراً، ويمكن للطائرات الكبيرة الحجم والطائرات القاذفة أن تهبط فيه بسهولة.
وتعرف باغرام أيضاً، بحسب تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي بأنها من أبرز المراكز التابعة لوكالة المخابرات المركزية، وتستخدم لاستجواب المشتبه بهم من القاعدة، وتعذيبهم.
أي مستقبل في الأفق؟
من المتوقع أن يبقى حوالي 650 جندياً أمريكياً في البلاد، بحسب تقارير إعلامية، لتوفير الحماية للدبلوماسيين والمساعدة في حراسة مطار كابول الدولي، مركز النقل الحيوي للبلد غير الساحلي.
يتولى الجنود حراسة المطار إلى جانب قوات من تركيا، العضو في الناتو، بينما تفاوض الحكومة الأفغانية على اتفاقية أمنية جديدة.
إلى جانب المطار، ستتولى قوات أمريكية أخرى حراسة السفارة الأمريكية في كابول.
ويقول محللون عسكريون إن قدرة الحكومة الأفغانية في الحفاظ على سيطرتها على باغرام ستكون حيوية لجهودها للدفاع عن كابول ودحر طالبان.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، فؤاد أمان، على تويتر، الجمعة: "من الآن فصاعداً ستحمي القاعدة العسكرية قوات الجيش الأفغاني وستستخدمها لمحاربة الإرهاب".
وفي حين أوقفت طالبان الهجمات على قوات التحالف بعد توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة في فبراير/ شباط من العام الماضي، إلا أنها واصلت القتال ضد القوات الحكومية.
وتشير بعض التقارير إلى أن شهر يونيو/ حزيران شهد بعضاً من أسوأ أعمال العنف منذ وصول التحالف، وأزهقت مئات الأرواح. كما أن جهود التنمية في البلاد مهددة بالخطر، مع تعرض مدارس ومبانس حكومية وأبراج طاقة للتلف والدمار.
من جانبه، رحب المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، بالانسحاب الأمريكي من باغرام، وقال لوكالة الأنباء الفرنسية إنه "سيمهد الطريق للأفغان ليقرروا مستقبلهم فيما بينهم".
ويُعتقد أن الحرب أودت بحياة أكثر من 47 ألف مدني أفغاني وحوالي 70 ألف جندي أفغاني، إضافة إلى 2442 جندي أمريكي وأكثر من 3800 متعاقد أمني خاص أمريكي و1144 جندي من دول التحالف الأخرى.
وبحسب مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، المعني بتحليل حروب أمريكا خلال القرن الحالي، فإنّ حرب أمريكا في أفغانستان كلفت نحو 2.26 تريليون دولار.