الرباط: لتعزيز التبادل والحوار والخبرات المتنوعة، في أفق مقاربة متعددة التخصصات، تنظم أكاديمية المملكة المغربية، بداية من الثلاثاء المقبل، دورتها الـ45، بالرباط، حول موضوع "أميركا اللاتينية أفقاً للتفكير"، بمشاركة مثقفين مغاربة وأجانب، بينهم لويس سولاريس الوزير الأول السابق للبيرو، وكريستوفام ريكاردو بواركي السيناتور البرازيلي، ولويس غونزاليس بوسادا الوزير السابق وسفير البيرو لدى منظمة الدول الأميركية، وإدغارد ريفيروس ماران نائب وزير العلاقات الخارجية بالشيلي، وميلتون كوهن هنريكي ساسو سفير جمهورية بنما في إسبانيا.
وتتضمن أشغال الدورة، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، حسب بيان تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، خمس جلسات، تتمحور حول جانبين أساسيين: مؤسساتي- قانوني وفلسفي، مع إلقاء نظرة موسعة على الديناميات الجديدة للعلاقات التي تربط المملكة المغربية وبلدان أميركا اللاتينية.
وسينطلق هذا التفكير، حسب ورقة عمل الدورة، من ملاحظة مفادها أن بداية الألفية الثالثة شهدت تغيرات كبرى على مستوى النظام الدولي، ناتجة عن تحول في موازين القوى، وظهور عدد من القوى الصاعدة من بينها دول أمريكا اللاتينية، البرازيل والمكسيك والأرجنتين. وهناك العديد من التجارب السياسية والتنموية والثقافية التي تعرفها مختلف بلدان أميركا اللاتينية تتجلى في محاولتها تجاوز الإرث الكولونيالي الأوروبي ورفع تحديات النظام الرأسمالي، واسترجاع الهويات القومية عبر الإبداع والتمثل الجديد للحداثة، والثورة على الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية.
في هذا السياق، تضيف ورقة عمل الدورة، حاولت بعض بلدان أميركا اللاتينية التحرر من السياسات التي كانت وراء تأخرها، متطلعة إلى اكتساب مقومات بلدان صاعدة أصبحت تجني ثمار سياساتها الاقتصادية من خلال خلق شروط جاذبية ونمو اقتصاديين نتج عنهما توسيع الطبقة الوسطى وتقويتها، وإنجاح الانتقالات نحو الديمقراطية، وتقليص نسب الفقر، وقلب اتجاه الهجرات؛ الأمر الذي كان من نتائجه إدماج ثلاثة بلدان (البرازيل والمكسيك والأرجنتين) ضمن مجموعة العشرين الأكثر غنى؛ علماً أن بلداناً أخرى لا تزال ترزح تحت ضغط المديونية والفقر والهشاشة.
ولا جدال في أن هذه التحولات الجديدة، تبرز ورقة عمل الدورة، هي نتاج وعي بلوره مفكرون ومبدعون وكتاب وفنانون في أمريكا اللاتينية؛ عملوا على صياغة نظريات حول التحديث والحداثة، وتميّزوا بأصالة نصوصهم وأفلامهم ومعمارهم، وأنتجوا فهما جديدا لهوية ومفارقات بلدان هذه المنطقة من العالم، مما مكَّن العديد من بلدانها من إدخال ديناميات جديدة على أنسجتها الاقتصادية، وبرامجها الاجتماعية، ومجالها السياسي، وحياتها الثقافية.
ومهما تكن الإنجازات والمكتسبات التي حققوها، تضيف ورقة عمل الدورة، فإنه يصعب الاقتصار عليها لرصد واقع حال بلدان أميركا اللاتينية، في اختلافاتها ومفارقاتها، بسبب كون الأحكام العامة قد تخفي تعقّد الوقائع وتنوع التجارب وتفاوت النتائج.
وبحكم انفتاح أكاديمية المملكة المغربية على مختلف جهات العالم، وفي ضوء إرادة المعرفة الدائمة التي تحرك أعضاءها لتقاسم الاجتهادات الفكرية والعلمية التي تهتم بمختلف التجارب الاقتصادية والسياسية والمكتسبات المعرفية الإنسانية، واعتباراً للروابط التاريخية وللعلاقات الثقافية التي تجمع المغرب ببلدان أميركا اللاتينية، ورغبة منها في تنظيم ملتقى فكري جماعي، يساهم فيه مفكرون من المغرب ومن أميركا اللاتينية ومن بلدان أخرى، حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية الجديدة لهذه المنطقة من العالم، تقول ورقة الدورة، تسعى الأكاديمية، بصفة خاصة، إلى عرض النظرات المتبادلة وتقاطعها بين المغرب وبلدان هذه المنطقة من العالم.
يشار إلى أن هذه الدورة، تأتي في أعقاب سلسلة من المؤتمرات الموضوعاتية والأحداث الثقافية التي أطرها سياسيون وعلماء ومفكرون مرموقون، من بينهم الرئيس البرازيلي السابق فرناندو كولور دي ميلو، ومارسيلينو أوريخا أغيري الرئيس الفخري للأكاديمية الملكية للعلوم الأخلاقية والسياسية في إسبانيا، وكارلوس أنتونيو كاراسكو سفير بوليفيا لدى اليونسكو، وأحمد حرزني، السفير المتجول للعاهل المغربي الملك محمد السادس.