الرباط: اعتبر نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقا)، أن الشعب المغربي ومكوناته الاجتماعية والسياسية في حاجة ماسة إلى «عرض سياسي جديد» يستجيب للتطلعات، ودعا مكونات الغالبية الحكومية إلى تجاوز الخلافات و«القضايا الهامشية» والانكباب على مباشرة الإصلاحات الضرورية التي يحتاجها المواطنون.
وقال بنعبد الله، في افتتاح الدورة العاشرة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم السبت، بالرباط، إن «شعبنا ومعه حزبنا وباقي المكونات في حاجة إلى عرض سياسي واضح، بمعنى ما ستقوم به هذه الحكومة على مستوى مختلف الواجهات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، مؤكدا أن الحكومة ينبغي أن تحدد «الإصلاحات الأساسية التي ستقوم بها لتغيير حقيقة وجه الإقتصاد الوطني وتتجه نحو النموذج الإقتصادي الجديد الذي أعلن عنه صاحب الجلالة (الملك محمد السادس) في خطاب افتتاح البرلمان».
وأشار بنعبد الله في انتقاد واضح لمكونات التحالف الحكومي إلى «الخوض في عدد من القضايا الهامشية والثانوية بين مكونات الأغلبية»، وقال: «نعتبر أن ذلك لا يفيد في شيء الوطن والمجتمع والجماهير الشعبية التي تنتظر الملموس في مختلف أقاليم المملكة». وزاد قائلا: «ما نريد أن نقوله لمكونات الأغلبية، كفى من الصراعات الهامشية والخلافات التي لا تفيد في شيء».
وأوضح بنعبدالله «نحن بصدد العمل على تقوية اللحمة بين مكونات الأغلبية، والاثنين المقبل سنوقع ميثاق الأغلبية، ومررنا من فترات عصيبة قبل الوصول إلى لحظة التوقيع»، في إشارة إلى الصعوبات التي واجهتها الغالبية الحكومية قبل التوافق حول الميثاق، الذي عبر بنعبد الله عن أمله في أن يجري التوقيع عليه و«أن لا يكون هناك أي تغيير».
وسجل بنعبد الله بأن ميثاق الغالبية الحكومية سيؤكد على مبادئ ومنطلقات وأهداف أساسية، منها ما هو موجود في الدستور وديباجته، كما سيحدد طبيعة العلاقات بين مكوناتها، بالإضافة إلى الهياكل والآليات التي ستستند إليها للقيام بعملها، واستدرك قائلا: «إذا أردنا أن نوقع على ذلك يوم الاثنين، فعلينا تصفية الأجواء تماما داخل مكونات الأغلبية، لتجاوز هذه الصورة التي لا تليق بما نطمح إليه بالنسبة للحكومة التي يترأسها الصديق والأخ سعد الدين العثماني، والذي نجدد له متمنياتنا بالنجاح في مهامه على رأس هذه الحكومة»، وذلك في إشارة منه إلى أن الخلافات مازالت مستمرة بين مكونات التحالف.
وقال بنعبد الله: «نريد للحكومة أن تكون قادرة على طرح تصورات واضحة وقضايا أساسية مرتبطة بالإصلاح والانتظارات الشعبية الواسعة الموجودة في مختلف الأقاليم»، كما طالب أحزاب الغالبية بطرح القضايا المرتبطة بالشأن السياسي للنقاش «دعمًا للمسار الديمقراطي في بلدنا، وتأكيدًا لدور الأحزاب والمؤسسات في هذا هذا المسار»، الذي عد بلاده في أمس الحاجة إليه.
وشدد أمين عام حزب التقدم والاشتراكية على أن مشروع الإصلاح «لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام دون آليات سياسية وعلى رأسها الأحزاب، ودون مؤسسات دستورية وعلى رأسها الحكومة والبرلمان، لحمل هذا المشروع الإصلاحي»، كما أكد حاجة الإصلاح إلى حقل سياسي وديمقراطي «صافي وواضح وقادر على أن يفعل في هذا الواقع المتغير كل من موقعه». كما طالب بنعبد الله في ذات الكلمة، بضرورة اضطلاع الحكومة بأدوارها كاملة، وقال: «أكدنا لسعد الدين العثماني ومكونات الأغلبية بأن شعبنا في أمس الحاجة ونحن كذلك إلى عرض سياسي واضح، على مستوى مختلف الواجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
وزاد بنعبد الله مبينا أن «المغاربة وكل أوساط المجتمع في مختلف المناطق والأنحاء ينتظرون ملء الساحة السياسية بتصورات واضحة وقضايا أساسية، وإذا كان من تنافس فينبغي أن يكون على هذه القضايا»، وأضاف «أما الانتخابات فمن المفروض أن تكون سنة 2021، اللهم إذا حدث تطور آخر.. ولا يمكن أن نجعل من هذه التجربة فقط، قوسا لا ندري متى سينتهي، ويمكن أن ينتهي حتى سنة 2021»، واستدرك «لكن في انتظار ذلك، شعبنا يعاني ويعيش مآسيَ وينتظر الإصلاح والتغيير في مختلف المناطق، وحذاري أن نستمر في هذا التوجه ونترك جانبا ضرورة الإصلاح».
وأعرب بنعبد الله عن أمله في أن تكون مكونات الغالبية «لها القدرة على تنظيم ورشات ونقاشات حول الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلاد، وما هي الإصلاحات المنتظرة في كل مجال؟»، مشددًا على ضرورة طرح أسئلة «كيف يمكن أن نخلق الثروة ونوزع ثمارها بشكل عادل لتحقيق العدالة المجالية والاستجابة لمتطلبات الحركات الاجتماعية في مختلف المناطق»، مؤكدا أن هذه القضايا «هي التي ينبغي أن ننكب عليها، وأن تتجاوز الحكومة القضايا الهامشية وتخلق نقاشا حقيقيا»، حسب تعبيره.
وبخصوص الوضع الداخلي لحزبه المقبل على عقد مؤتمره العاشر، أيام 11 و12 و13 مايو المقبل، قال بن عبد الله، إن حزب التقدم والاشتراكية «خرج مرفوع الرأس، من مرحلة تطعيم الحكومة أو ترميمها، بعد كل ما عرفه من صدمات ومن آثار قرارات إعفاء الوزراء»، مؤكدا أنه «استرجع الحقائب التي كان يدبرها، والأهم هو أنه واصل الحضور في الحكومة بنفس الوزن الذي كان عنده منذ تشكيلها في أبريل 2017».
واعتبر بنعبد الله أن استرجاع الحزب للوزارتين التي أعفي من تدبيرهما هو وزميله الحسين الوردي، بعدما بات يعرف بـ«الزلزال السياسي»، يمثل «تأكيدًا للمكانة التي يحظى بها الحزب في الساحة السياسية»، مبرزاً أنه سيستمر في القيام بأدواره وفق المبادئ التي يؤمن بها، حيث قال: «أنا على يقين بأن الحزب سيواصل مشواره من داخل الحكومة، أو من خلال فضاءات أخرى من أجل نصرة المبادئ التي آمن بها».