قال عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي إن المغرب مهدد بالزوال إذا لم ينجح في إنجاز الإصلاح بقوة وأمانة، مؤكدًا أن الاستعمار دخل البلاد بسبب الفساد، الذي اعتبر أن مواجهته خيار لا بديل منه بالنسبة إلى الحزب والمغاربة.
إيلاف من الرباط: أوضح ابن كيران، في كلمة ألقاها أمام هيئة مستشاري حزب العدالة والتنمية في الأول من يوليو، بثها الموقع الرسمي للحزب قبل ساعات: "لم أعد أؤمن بحزب العدالة والتنمية كفاعل في الإصلاح وحده أبدًا"، مبرزًا أن أكثر من 90 بالمائة من المغاربة يريدون الإصلاح، ومستعدون للتضحية ودفع الثمن في سبيل تحقيقه.
امتحان صعب
عاد رئيس الحكومة السابق في خروجه الإعلامي الجديد إلى تصويب سهام النقد تجاه الفساد وداعميه، وقال إن هذا الأخير "يهددنا، وهي معركة: نكون أو لا نكون"، مسجلًا أن حزب العدالة والتنمية "انتدبنا للمساهمة في الإصلاح، وهو ليس خيارًا، وإنما اضطرار ضروري، ويجب علينا أن نستمر فيه"، قبل أن يردف: "ليس لديكم خيار"، وذلك في رسالة واضحة إلى أعضاء حزبه لاستعادة المبادرة ومواجهة الفساد.
أقر ابن كيران بأن حزبه يعيش ظروفًا وصفها بـ"الصعبة جدًا"، وقال: "الحزب يمرّ بامتحان صعب جدًا، لا كحزب سياسي، ولا كحركة اجتماعية، وهذا ابتلاء وامتحان".
أضاف "يجب علينا أن نسير إلى المستقبل، وهذا الأمل في الإصلاح الذي بيّناه للمغاربة"، معربًا عن اعتزازه بالحصيلة التي قدمها خلال رئاسته الحكومة.
برهن الحفاظ على المكاسب
وأكد ابن كيران أن مستقبل الحزب يكتنفه الغموض، مشددًا على أن استمراره في الوضعية ليس أمرًا هينًا، حيث قال: "إذا حافظ الحزب على هذه المكاسب، هذه اللحظة الصعبة سيتجاوزها، وإذا لم نحافظ على هذه المكاسب، فسنذهب غير مأسوف علينا، كما حدث لأحزاب أخرى"، وذلك في إشارة إلى تجربة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تراجع بعد قيادته لحكومة التناوب التوافقي.
لم تفت ابن كيران الفرصة لتوجيه الرسائل السياسية في كل الاتجاهات، حيث بعث برسالة مشفرة إلى أعضاء حزبه بأن التزامه الصمت لمدة طويلة كان خيارًا شخصيًا فرضه على نفسه، ولم يفرضه عليه أحد.
وقال: "في مراحل معيّنة يكون الكلام ثقيلًا، وهنالك المسؤولية والظرف الذي يمرّ به الحزب والبلد والأمين العام في المرحلة الأخيرة من المسؤولين إن لم يقع شيء آخر غير معروف"، وهو ما يمثل إشارة منه إلى أنه لا يمانع في أن يستمر على رأس الحزب لولاية ثالثة، إذا قرر أعضاء المؤتمر ذلك".
لمقاومة الفساد
ودعا رئيس الحكومة السابق أعضاء حزبه إلى "ضرورة اليقظة في الحرب مع الفساد، والعمل على أن يبقى العدو في الخارج"، وأضاف "ليس أمامنا خيار آخر، كل واحد عنده مسؤولية، لا يمكن أن نسمح بأن تضيع بلادنا"، مسجلًا بأن إرادة الإصلاح موجودة على مستوى الدولة، ولكن هناك عراقيل ومعرقلون"، وإن الفساد متعاون ومتماسك ومتضامن، ولا تستغرب أنه سيضع لك المكائد والمؤامرات، ويجب أن تصبر وتصمد، ويجب أن يُقاوم، وأنتم المعوّّل عليكم".
عاد ابن كيران إلى الحديث عن إعفائه من تشكيل الحكومة، مسجلًا أن الحزب رغم قبوله به، إلا أن "المجتمع لم يقبل الإعفاء"، مبرزًا أن "الضربة التي تلقيناها قاسية جدًا"، لافتًا إلى أن النتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات الجزئية في مدينة الجديدة كانت "رسالة قاسية"، لكنه عاد وذكر بأن المجتمع "إذا لاحظ فيكم الشجاعة والقوة ومواجهة الفساد وقول الحق فلن يتخلى عنكم".
وشدد ابن كيران في كلمته الطويلة على ضرورة استمرار الحزب على مبادئه وتمسّكه بالمرجعية الإسلامية والدفاع عن الملكية، مؤكدًا أن الموقف من "الملكية في المغرب ليس اختيارًا يمكن أن نغيّره متى شئنا"، مشيرًا إلى أن احترام الملك ضروري في الخطاب السياسي. وقال "انتقدوا الحكومة أو مستشارًا ليس مشكلًا، خصوصًا إذا خرج أحدهم، وبدأ يدلي بالتصريحات للصحافة كشخص عادي، نرد عليه، ونبارك له العواشر (الأعياد والمناسبات)"، وذلك في رسالة من ابن كيران إلى مستشار العاهل المغربي فؤاد عالي الهمة، الذي انتقده في تصريحات إعلامية.