إيلاف من الدار البيضاء: قال عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، والامين العام لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، إنه إذا حصل على ولاية ثانية في رئاسة الحكومة سيواصل نفس النهج، الذي سار عليه خلال الولاية المنتهية، مشيرًا الى أن المنطق الذي دبر به المرحلة الحالية من عمر هذه الحكومة هو الذي سيبقى فيه، وانه لن يتراجع إن اختاره الشعب مرة أخرى، حيث قال: "سأبقى بنفس المنطق، وإن أراد الناس مني الاستمرار في نفس الإتجاه، فأنا لن أتراجع".
وذكر ابن كيران، الذي كان يتحدث اليوم السبت في لقاء تواصلي بالدار البيضاء، إنه كرئيس للحكومة دبر المرحلة الماضية بمنطق التعاون مع الملك محمد السادس، مجددًا تأكيده على عبارته الشهيرة التي وجهها للمغاربة في مستهل ولايته الحكومية، "إذا كنتم تبحثون عن رئيس حكومة يصطدم مع الملك فابحثوا عن غيري".
وشدد ابن كيران على القول إن المرحلة التي مرت منها رئاسته للحكومة كانت "مرحلة صعبة جدًا جدًا، حين أتذكرها أتساءل كيف استطعت اجتيازها؟".
وزاد قائلاً: "في بداية رئاستي للحكومة، كنت دائمًا أُسأل عن أولوياتي، فكنت أقول إننا في المغرب لدينا ثلاث إشكاليات. اولاً، التوازنات الماكرو - اقتصادية، لأننا كنا نسير نحو الاختناق، كنا نقترض من أجل أداء رواتب الموظفين، والأمر الثاني هو الاستثمار، والأمر الثالث هو إعادة التوازن للمجتمع برعاية الفئات الهشة".
وتساءل ابن كيران ايضًا "إن الذين يهاجمون هذه الحكومة خصوصًا في الفترة الأخيرة، كيف سيتعاملون مع الوقائع؟ كيف سيتعاملون مع رفع الدعم عن المحروقات؟، حيث وجدنا أن الدولة تنفق 57 مليار درهم( 5،7 مليارات دولار)، وبعد الإصلاح ربحنا لصالح الدولة 100 مليار درهم ( 10 مليارات دولار)، كيف سيتعاملون مع ملف التقاعد؟، كيف سيتعاملون مع إيقاف الإضرابات العشوائية في المدارس والمستشفيات والمحاكم والجماعات المحلية (البلديات) ؟، كيف سيتعاملون أيضًا مع إنقاذ المكتب الوطني للماء والكهرباء، فأصبح المغاربة يتوفرون على هذه الخدمات من دون انقطاع، هل سينكرون هذه الأشياء؟".
واشار ابن كيران الى أن التشغيل سيكون على رأس أولوياته في المرحلة المقبلة، خصوصًا وأنه ملف حيوي وحساس، وقال "إن هناك مخططًا للتشغيل تم وضعه ويجب تنزيله".
وذكر ابن كيران أنه "من الصعوبة أن يدرس الشاب، ثم يبحث عن عمل ولا يجد، هذا أمر يؤثر فيَّ كثيرًا"، مشيرا الى أنه "يجب تخفيف الأثقال أمام من يريد أن يخلق مشروعًا خاصًا".
وتحدث رئيس الحكومة عن تكلفة التوظيف في القطاع العام، وقال: "إن كل موظف يكلف الدولة في المتوسط حوالي 10 آلاف درهم ( الف دولار). شهريًا، وعلى مدى السنة يكلف 120 ألف درهم ( 12 الف دولار)، وعلى مدى عشر سنوات يكلف أزيد من مليون درهم ( 100 الف دولار)".
واضاف "لو أن الدولة قدمت لهذا الشاب مثل هذا المبلغ منذ البداية ليطلق مشروعًا، سيكون أفضل، إذ سيشغل نفسه ويشغل آخرين معه"، لكن المهم، يقول ابن كيران، هو أن "يتم التشغيل في القطاع العام بناء على الحاجة والخصاص وليس التشغيل من أجل التشغيل".
على صعيد آخر، وصف ابن كيران علاقته بمستشاري الملك بأنها "علاقة عادية قائمة على الاحترام المتبادل ..علاقة واضحة لا لبس فيها". وقال إن الملك محمد السادس " لا يحب من يتحدث عن مستشاريه، فهم فريقه في العمل، وعلاقتنا بهم علاقة واضحة، أتصل بهم بعد طلب الإذن من جلالة الملك، وهم يتصلون بنا بتوجيه من جلالة الملك".
وبشأن مفهوم التحكم الذي يردده كثيرًا، قال ابن كيران: "سأظل أتحدث عن التحكم إذا ظل قائمًا في المغرب، أما إذا انتهى فلن أتحدث عنه"، مبرزًا أن المغرب لا يعيش ديمقراطية سويسرا، ولكن له "ديمقراطيته الخاصة".
في غضون ذلك، تحدث ابن كيران عن وزارة الداخلية التي أصدرت قبيل انطلاق الحملة الانتخابية عددًا من القرارات ضد حزب العدالة والتنمية، كان آخرها منع الشيخ السلفي حماد القباج من الترشح في دائرة جليز بمراكش، وقال: "وزارة الداخلية ليست وزارة عادية، عندها مواصفات معينة وتسكنها روح لست أنا الذي سأنزعها، ولكن الأمور تتطور".
وأضاف: "المهم عندي كرئيس للحكومة هو أن تتطور الأمور إلى الأحسن، وأن تسير العجلة باتجاه الديمقراطية".
وانتقد ابن كيران، وزارة الداخلية ضمنيًا حين تساءل "نريد أن نعرف هل السلفيون مواطنون مغاربة أم لا؟"، مشيرًا الى أن القباج إنسان سلفي متنور ومسالم ومتسامح، ظل 20 سنة وهو يلقي المحاضرات ويواجه التطرف والتشدد بالمغرب وخارجه، كما دافع بقوة عن دستور 2011.
ومضى متسائلاً: " في ذلك الوقت ألم يكن يشكل مشكلاً؟"، الا أن رئيس الحكومة قال إنه بصفته أمين عام حزب العدالة والتنمية يخضع لـ"سلطة القانون والدولة".
من جهة أخرى، وصف ابن كيران حليفه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بإنه "مخلق ومخلص لوطنه وملكه"، وقال إن تحالف حزبيهما مستمر. واضاف: "حتى الان ليس هناك أي تراجع عن تحالفنا لا من طرف حزب التقدم والاشتراكية ولا من حزبنا".
في سياق آخر، وجه ابن كيران توجيهًا الى مناضلي ومناضلات حزبه مفاده أنه يروج على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي "نداءً صادراً عن بعض الجهات يدعو لمسيرة وطنية بالدار البيضاء يوم غد الأحد ضد ما سماه النداء ''أخونة الدولة والمجتمع، ضد حزب العدالة والتنمية، ضد ابن كيران''. والغريب في الأمر يضيف التوجيه أن هذا النداء يحظى بدعم وتوجيه وتعبئة وتجييش من بعض الجهات المفروض فيها الحياد، من دون أن يسميها.
ووجه الأمين العام أعضاء وعضوات الحزب والمتعاطفين معه إلى تجاهل هذه المسيرة، وعدم إعطائها أي أهمية، والتعامل معها كأنها لم ولن تكون.