إيلاف من الرياض: انتهى الماراثون الرمضاني الدرامي الحافل بالمسلسلات والمنافسات، وشهد هذا العام تنوعا كبيرا وخصوصا في الجانب المحلي "السعودي" منه، فلم يكتف بحضور الكوميديا الدائم، بل تميز بالتنوع بطريقة لافتة، وكثرة الأعمال الناجحة.
وفي مقدمة الأعمال التي جذبت الأنظار "الشرار" الذي شهد إقبالا جماهيريا وشعبياً، وكذلك "خيوط المعازيب" الذي جمع ما بين النجاحين الجماهيري والنقدي، وكان الأميز والأكثر استدعاءً للنقاشات والأسئلة والمديح، إلى حد أن البعض يرى في ذلك نوعاً من "المبالغة" في تقدير قيمة العمل.
"خيوط المعازيب" الرابح الأكبر
"خيوط المعازيب" عمل درامي توثيقي، وكان للدور الذي قدمه الممثل القدير عبد المحسن النمر فضل كبير في نجاح العمل، فضلاً عن وجود النجم فيصل الدوخي إلى جانبه، الذي رسخ هذا التميز، فقد شكلا معا ثنائيا رائعا، ولا سيما في المشاهد التي جمعتهما، وكذلك ظهور الوجوه الجديدة الواعدة التي يتوقع لها مستقبلا في عالم النجومية.
ما لفتنا، أننا على الرغم من وجود مخرجين اثنين لهذا العمل، لم نلحظ اختلافاً جوهريا على مستوى الشكل. ربما هناك تفاوت ما بين العشر الحلقات الأولى التي أخرجها السعودي عبد العزيز الشلاحي والحلقات اللاحقة التي أخرجها الكويتي مناف عبدال.
لكن أكثر ما لاحظناه، تمثل في التفاوت ما بين الجزء الأول والثاني من حيث القصة والسيناريو والحوار، إذ شعرنا بأن ثمة إطالة و "مط" في الحلقات العشر الأخيرة، على مستوى تكرار المشاهد الغنائية، بحيث لم تخل حلقة تقريبا من مشهد غنائي، سواء كان مبررا أم غير مبرر، وهناك نقطة ضعف أخرى في المسلسل على مستوى الموسيقى التصويرية.
من المهم أن يتم استثمار نجاح هذا العمل في الالتفات الى القصص المشابهة في جميع أنحاء المملكة، وأن لا يبقى صنّاع العمل أسرى فكرة انجاز جزء ثان، ذلك أن العمل لا يحتمل مثل هذه المغامرة، ولا سيما مع غياب نجمه الأهم عبد المحسن النمر .
انخفاض مستوى الدراما المصرية
نجاح أي موسم درامي رمضاني قد يقاس بعدد معين من الأعمال التي نعود إلى مشاهدتها بعد سنوات، لكن الموسم الرمضاني الحالي شهد انخفاضا كبيرا، ونراه فعلا موسما دراميا للنسيان، في غياب أبرز الأسماء المهمة خلال العقد الأخير، من المخرجين والكتاب، مثل كاملة أبو ذكري، مريم نعوم، تامر محسن، كريم الشناوي، محمد شاكر خضير، ولن ننسى غياب نجوم مثل منى زكي، ومحمد رمضان، الذي برغم كل الجدال الذي يحدثه، إلا أن شعبيته كبيرة، وعلى الرغم من غيابه هذا العام، إلا أنه بإعلانه مع أنغام كان من أكثر النجوم حضورا لدى المشاهدين.
الظهور الأبرز هذا العام للمسلسل الكوميدي ( اشغال شقة ) وكذلك ( مسار إجباري ) و ( أعلى نسبة مشاهدة )، ونلحظ كذلك أن فكرة الـ ١٥ حلقة تساعد كثيرا على تماسك العمل وجاذبيته، كما فعلت فعلت منى زكي في مسلسلها ( تحت الوصاية ) الموسم الماضي.
منع "زوجة واحدة لا تكفي"
اعتدنا في السنوات الأخيرة وجود "جدل كويتي" يتعلق بالدراما الكويتية من مطالبات بالمنع، ومعاقبة الممثلين، وغيرها من أشكال الاعتراض على الدراما، ومنذ مسلسل "زواج المتعة" قبل أكثر من عشر سنوات، وترديد عبارات وشعارات مكررة تختص بأحاديث عفا عليها الزمن، كعبارة "أعمال لا تمثلنا" او "أعمال لا تشبهنا". فحتى رغم ذهاب المؤلفة هبة مشاري حمادة إلى الخارج وتصويرها أعمالها في الإمارات تحديدا، من "شارع الهرم" وغيره من المسلسلات، إلا أن الهجوم تجاهها ارتفعت وتيرته.
لكن ما لفت انتباهنا في أعمال هبة مشاري حمادة هو حرصها على وجود الممثلين الزوجين نورة خالد الشيخ وخالد، فهما في كل مسلسل يمثلان دور زوجين، مما يسهل عليهما تأدية بعض المشاهد الدرامية، كالأحضان وتبادل القبلات، لكن المشكلة أنه يتم إقحامهكا في كل عمل ومسلسل، وكأنه شرط لا بد من الرضوخ له.
يحتاج الممثلان بكل صراحة إلى تطوير أدائهما الدرامي، وربما إلى تجريب التمثيل، أحدهما في معزل عن الآخر، والتعامل مع أسماء إخراجية مختلفة لكي نستكشف معهما أماكن تمثيلية ودرامية مختلفة.
الدراما السورية: الجرأة لا تكفي
عودة قوية هذا العام للدراما السورية وتكرار لنجاحات السنوات الأخيرة، بوجود أسماء إخراجية مميزة كان في مقدمتها رشا شربتجي وسامر برقاوي ومحمد عبد العزيز، ولعل أهم ما يميز الدراما السورية إلى جانب تألق ممثليها ومخرجيها، خط الجرأة الذي يزيدها حضورا وإبداعا.
لكن الجرأة في كثير من الأحيان لا تكفي وحدها. فمسلسل "ولاد بديعة" الذي كان الأبرز في النصف الأول في رمضان، عانى كثيرا في نصفه الأخير، وكذلك مسلسل "تاج" الضخم انتاجيا، الذي عانى من التطويل. وكم نتمنى أن تبدأ الدراما السورية العمل بقوة على مسلسلات، سواء خارج الموسم الرمضاني أو على مسلسلات دون الـ 30حلقة.