: آخر تحديث
حوار خاص مع المخرجة الفلسطينية أثناء زيارتها للرياض

نجوى النجار: "قبلة غريب" عملي السينمائي القادم

41
32
40
مواضيع ذات صلة

إيلاف من الرياض: نجوى النجار مخرجة ومؤلفة فلسطينية، درست السينما في أميركا، وبدأت مسيرتها الفنية من الإعلانات التجارية ثم الأفلام، فكان فيلم "نعيمة ووديعة" أول أعمالها السينمائية القصيرة.
بعد ذلك كانت تجربتها الأولى في الأفلام الطويلة من خلال فيلم (المر والرمان) ثم فيلم (عيون الحرامية) وكان آخر أعمالها (بين الجنة والأرض). 
عرضت أفلامها في مهرجانات سينمائية دولية ونالت عنها عدداً من الجوائز . 

تجهز حاليا لفيلمها القادم (قبلة غريب) وهو فيلم موسيقي غنائي يدور في الإسكندرية بالثلاثينيات من القرن الماضي. 

كانت للمخرجة نجوى النجار زيارة إلى الرياض بدعوة من هيئة الأفلام فيها لتقدم دورة عن الأفلام من الكتابة إلى الشاشة واستغلينا الفرصة لعمل هذا اللقاء:

في البداية حدثينا عن موضوع الدورة والتي تقدم تحت رعاية هيئة الأفلام في السعودية .. أثرها بالنسبة لك وبالنسبة للمتدربين ؟
أستطيع الحديث معك عن تأثيرها الآن، فبعدما أصبحنا في آخر أيام هذه الدورة، وبعدما قدّمت دورة سابقة مع كتّاب في فترة مضت، يمكنني القول إن هذه الصلة مهمة ومفيدة، لذلك سعيدة لكوني أدرّسهم أشياء مهمة في الثقافة السينمائية العربية والثقافة السينمائية عموما، فنحن كـ كتّاب ومخرجين دورنا أن نبني ثقافة، لأن قصتنا وهويتنا سُرقت منّا على مدار السنوات الماضية، وكل شخص رواها بطريقته.. إلا نحن!
ومن خلال تجربتي أصبحت لدي رؤية واضحة لما يمكنني تقديمه، فعندما دخلت على صف به 35 شاباً وفتاة، جميعهم يتطلّعون إليّ وينتظرون سماعي شعرت بالمسؤولية، تلك المسؤولية حملتها على عاتقي طوال عمري، لكن هذه المرة شعرت بها أكثر وأكثر، لأنني أقدِّم الثقافة لشباب لديهم رغبة شديدة في التعلم والمعرفة، فنحن نستمر لساعات بعد انتهاء مدة الصف..  نتحدث في كل المواضيع فيما يخص السينما والثقافة عموما لذلك أريد تشجعيهم على تقديم الشيء المناسب لمجتمعنا بلغتنا وبطريقتنا، لأنها في النهاية تظل "ثقافتنا".

هل تتابعين التجارب السينمائية السعودية؟
بالطبع. لقد شاهدت جميع الأفلام السعودية وأحببت شخصياتها، بدءًا من (وجدة) لـ (بركة يقابل بركة) لمحمود صباغ وهذا الأخير أحببته للغاية ويظهر لي براعة مخرجه ورؤيته الثاقبة . 
أيضا شاهدت فيلم "حد الطار“ في مهرجان مالمو وأعجبني كثيرًا، لأنه تناول وجهة نظر مختلفة وجديدة
 في رأيك.. لماذا لم تجد السينما السعودية طريقها للجمهور السعودي حتى الآن؟ 
ربما لأننا تعودّنا أن السينما العربية لا بد أن تكون سينما مصرية كوميدية، لذلك الأفلام المصرية عندما تُعرض في السعودية تجد إقبالاً جماهيرياً كبيراً، مثل فيلم "وقفة رجالة" والذي سمعت أنه  حقق أعلى إيرادات في تاريخ قاعات السينما السعودية.

هل يقودنا ذلك لضرورة اهتمام السينمائيين السعوديين بالجانب التجاري مثل الأفلام الكوميدية وغيرها؟ 
أنا أقول دومًا إن السينما لا بد أن تكون تجارية، لكن في الوقت ذاته ذكية ولها قيمة. أما أن تكون تجارية فقط فهذا لا أؤمن به ولا أحبه. ولا أريد ان يشاهد فيلمي ويفهمه ثلاثة أشخاص فقط . 

لك العديد من المقابلات والتي تتحدث عن أهمية وصول فيلمك لأكبر قدر من الجمهور ؟

نعم. لا بد من اللحظة الأولى أن تبني الشخصيات بناء واضحًا وتدرك كيف ستصل بها للجمهور، لكننا - لسوء الحظ – نجد السينمائيين في العالم العربي لا يعملون بشكل صحيح ومضبوط على الشخصية في أغلب الأوقات. 
لا بد أن تكون ذكيًا ومدركًا لما تريد إيصاله للمشاهد. ما الذي تريد أن ترويه؟ ما قصتك؟ ما الذي تستوحيه من مجتمعك؟ ما الأساسي في قصتك؟ وما يقابله من رمزيات؟.. نحن  في الآخر نحاول نتكلم عن شيء في مجتمعنا .. شيء عن حالنا وثقافتنا .. فيجب أن نعيش  هذه القصص. 
أحيانا ً أفكر بأن التربية والثقافة في العالم العربي لم تربينا على الصراحة . 

تقصدين طابع العيب والخجل؟
نعم. ليس مهمًّا، فنحن نكتب قصة ولا بد أن نكون صرحاء مع أنفسنا.

رغم الصعوبات التي تواجه السينما الفلسطينية إلا أنها نجحت في التواجد عالميًا بشكل مميز ومهم.. كيف تفسرين هذه الحالة من النشاط الفني رغم كل  الصعوبات؟ 
نحن نملك سلاحًا واحدًا مهمًّا في فلسطين، ألا وهو الثقافة.
 وكل ما عداها لم يعد لنا بل للاحتلال ، سواء الأرض أو الأهل والأولاد وكل شيء.. لذلك نحاول النجاة من دور الضحية إرهابًا للعدو بأننا رغم كل الظروف سنعيش حياتنا وسنروي قصتنا. 
أغلب الفلسطينيون  لديهم هذا الدافع والتحدي والعزيمة في كوننا نستطيع تقديم كل ما يثبت قدرتنا على الاستمرار والمواجهة والحياة. ومع كل هذه الضغوطات يخرج لنا نوع من القصص، نوع من الحب؛ لأنه في الآخر لازم يتم عمل هذا الشيء  مع الحب . 
في أعمالك الأخيرة لم تعد القضية الفلسطينية هي المتصدرة بل أصبح تناولها يتم بشكل غير مباشرو غير مقحم؟
أرى أن هناك لغات وأنماطًا متعددة يمكن للناس طرح القضية الفلسطينية من خلالها كيفما يشاؤون ، لكن الضغط المستمر بسبب الحواجز الموجودة في البلد يجعلنا نرفض تلك الحواجز، نحن لدينا تاريخ وحب وقصص وغراميات ورمزيات وموسيقى وشخصيات وأبطال... إلخ.
 نحن أكبر من تلك الحواجز التي يمهّدون بها لصنع حواجز في عقولنا أيضًا، لذلك مثلا فيلم "بين الجنة والأرض" تم إيقافه لفترة لكن بعد ذلك تتغيّر الأمور لأنها قصتنا وحياتنا، نرى الوضع الحالي الذي نعيشه كيف يؤثر على الإنسان الفلسطيني وعلاقاته وأسرته.
تقصدين أن الحكايات الإنسانية لها نفس القدر من الأهمية؟
بل أكثر من ذلك. 
قصتنا ليست فقط مع إسرائيل، نحن لدينا قصص خاصة بنا وحدنا، قصصنا الخاصة، ووقوفنا واعتمادنا على أنفسنا في حد ذاته قصة. 
أنا موجودة قبل ما إسرائيل تكون موجودة، وهذا ما يجعل صانع الأفلام يقول: أنا الأول، أنا القصة، قصة الاحتلال موجودة وتؤثر عليّ لكنني الأهم... وبالمناسبة هذا ما نفعله ثلاثتنا "أنا و المخرجة مها الحاج  وإليا ابوسليمان.

تهتمين عادة بالموسيقى وتتمسَّكين بوجود الأغنية العربية كموسيقى تصويرية في كل أفلامك ؟
نعم كثيرًا. والآن أعمل على موسيقى فيلمي الرابع. أنا بالأصل أحب الموسيقى منذ طفولتي، فقد عوَّدتني أسرتي على وجودها في منزلنا وأنها جزء من حياتنا.. في كل تفاصيلينا من الصباح .. وعند وجود ضيوف .. أثناء تناول الوجبات الموسيقى جزء اساسي من يومنا حرفيا ً . 
لذلك في السينما أرى الموسيقى معبرة عن الشعور، بل في كثير من الأوقات أراها نوعًا من الحوار للتعبير عن كل ما لا نستطيع التعبير عنه أو البوح به، فمثلا في (بين الجنة والأرض) تم منعي من التعاون مع عرب، فقلت لنفسي: "أنا راح ابني الجسر اللي أنا ممنوعة منه.. ما بقدر أجيب عرب لكن راح أجيب الموسيقى تبعهم وراح أجيب نساء وكل شيء عربي راح أجيبه على فيلمي حتى ينسمعوا وينشافوا".

في بداية "بين الجنة والأرض" كانت أي أغنية؟ 
فرقة شباب اسمهم (على الرصيف) من رام الله، واسم الأغنية "عزيزة"، لكنهم أخذوا عزيزة المصرية. سواء في فيلم (عيون الحرامية) أو في أي شيء أنا أحب إدخال الموسيقى ودمجها بالعمل.. "يعني سعاد ماسي تكون موجودة بفيلم وما تغني؟! مش ممكن، وبعدين عم تحكي على عائلة وعم تحكي على نساء، فأنا بحب الأصوات يجوا ويدخلوا داخل الأفلام، وهي فعلاً بحسها لغة وجزء من الحياة". 

 اختيارك لخالد أبو النجا في ”عيون الحرامية ” مع أنه أجاد الحديث باللهجة الفلسطينية لكن كان الأسهل اختيار فلسطيني؟ 
خالد اشتغل شغل له كل الاحترام.. بحياتي لم اشاهد ممثل بالتزامه ومهنيته .. 
وفعلا كان الأسهل اختيار فلسطيني . لكن أنا ولا مرّة بعمري اختار الأسهل 
وبالمناسبة خالد طلب مني العمل سويا من فترة طويلة ، وبالفعل لديه هذه الروح الثورية لفلسطين، لديه شيء أنا أحببته كثيرًا. والأكثر من ذلك أنه في هذه الفترة لم تعد القضية الفلسطينية موجودة كما كانت من قبل، فربما يكون العالم العربي منشغلا أكثر بسوريا والعراق الآن.

تقصدين الوصول للعرب من خلال خالد أبو النجا وسعاد ماسي؟
الأساس هو القضية الفلسطينية وكل ما حدث، فالاحتلال الموجود في فلسطين هو أطول احتلال موجود الآن. نحن قضية أساسية ومهمة لكل العالم العربي ولا يمكن نسيانها.. لأنه لما يكون هناك يكون محتل، ولا يوجد نوع من التضامن مع ناس مُحتلين، لاشك أن ذلك يؤثر علينا كمنطقة وكشعب، وهذا ما حاولت عمله في فيلمي (بين الجنة والأرض). 

 

دائمًا أفلامك مستوحاة من قصص حقيقية.. هل فيلمك الجديد كذلك؟
نعم، وحتى فيلمي الذي أعمل عليه  "قبلة غريب". 
لقد زرت الإسكندرية قبل 5 سنوات، لأجري بحثًا عن بداية السينما العربية، التي بدورها بدأت في الإسكندرية، والشخصيات التي عاصرت تلك الفترة، فبدأت القراءة عن شخصيات مثل بهيجة حافظ التي كانت تنتمي لعائلة أرستقراطية، وحينما قررت العمل بالسينما رفضت أسرتها ذلك، بل شيّعوا جنازتها وهي لا تزال على قيد الحياة. كذلك قصة تحية كاريوكا وكيف هربت للإسكندرية مع بديعة مصابني التي جاءت بدورها من سوريا. ورشدي أباظة.. من هو؟ وكيف كان؟ وإبراهيم لاما الذي قدّم أول فيلم بالإسكندرية.
 في الوقت الذي كان العالم الغربي يقتل بعضه البعض، كل هؤلاء النساء والرجال جاءوا للإسكندرية لأجل الفن، فأخذت أنا كل هذه الشخصيات و"عملت قصتي".

متى سيبدأ تصوير فيلم "قبلة الغريب"؟
من المقرر بدء التصوير في سبتمبر 2023، لكني ما زلت أبحث عن التمويل اللازم للفيلم حتى الآن. 

هل تم الاستقرار على أبطال الفيلم أم ليس بعد؟
لدى تصورات لأشخاص بعينهم، لكن لم أقرر بعد. 

هل يمكننا أن نراك تخرجين فيلمًا مصريًا في وقت لاحق؟ 
أفعل ذلك حاليًا. أعمل على فيلم إسكندراني عربي فلسطيني. أنا آخذ القصص وأنسج منها قصة خاصة بي
وبالمناسبة تلقيت عروض عمل كثيرة، فمثلا في الولايات المتحدة الأميركية  حين قرأت السيناريو قلت لهم "بصراحة أكون كاذبة لو قلت استطيع عمله .. لأنه فعلا بعيد عني جدا ً 

تقصدين حبك للقصة والمشروع  هو الفارق في قبولك لأي عمل ؟
نعم. لأنه عندما يتعلق العمل بي وأشعر به تطلع روح ثانية في الفيلم . 
وهذا لايعني عدم حرفيتي كمخرجة فأنا أكيد أعرف كيف أصنع فيلمًا، لكنه لن يكون "أنا" ولا الذي أريد تقديمه. لذلك لا تزال لديّ العديد من القصص التي أريد أن أحكيها.

ما موقفك من الدراما؟ هل نراكِ فيها قريبًا؟ 
ربما. الآن مطلوب مني تقديم مسلسل 10 حلقات عن القدس. 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ترفيه