* للأديب المصري المعروف جلال أمين - رحمه الله - كتاب شهير اسمه "ماذا حدث للمصريين؟"، لاقى عند صدوره رواجًا كبيرًا، حتى أنه غطى على جميع مؤلفاته اللاحقة والسابقة، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات التي كتبها تحت هذا العنوان في فترة من الفترات، وحاول من خلالها رصد التغييرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري خلال خمسين عامًا، ولاقت عند نشرها نجاحً مذهلًا، حيث أنها عبرت عن الواقع المصري حقيقةً، قبل أن تُجمع لاحقًا وتدون بالكتاب المعروف. وما يجعلنا نتذكر ذلك الكتاب الآن هي التغييرات الدراماتيكية التي طرأت مؤخرًا وعلى غير المعتاد على المشهد الهلالي، والذي يستحق أن نُسقط عليه عنوان (جلال) الشهير ونقول "ماذا حدث للهلاليين؟". فبعد أن كان استقرار البيت الأزرق مضربًا للأمثال، ووحدة الصف والاستقرار والسرية نموذجًا يُحتذى، تابعنا مؤخرًا خلافًا لذلك، والغريب أنَّ ذلك يحدث دون حدوث خسائر كبيرة أو فقدان لبطولات مهمة، بل لمجرد أي تعثر، وللمعلومية لم يكن ذلك وليد الموسم الحالي فقط، بل بدأت شرارته أو خروجه عن النص منذ الموسم الماضي بعد تعثر بالتعادل مع ضمك ومع أحد الفرق الأوزبكية في البطولة الآسيوية، وحدث وقتها نفس السيناريو الحالي، وكان من الضحايا حينها سلمان الفرج، ثم لحق به سالم الدوسري وجيسوس وعرج على فهد بن نافل وفهد المفرج، ثم أتت النتائج والأرقام القياسية لتغطي وتُنسي الهلاليين كل ذلك الخروج (الفج) رغم مرارته.
* اليوم، عادت تلك النغمة النشاز للظهور، وبدأت من خلال التعثرات ببعض المباريات بالدوري أيضًا ودون فقدان فرصة المنافسة من خلال صافرات استهجان وايماءات ضد نجم الفريق علي البليهي، ثم ومع الدفاع المنطقي من الرئيس المهذب فهد بن نافل على أحد أسلحة الفريق المهمة رأينا انقلابًا كبيرًا وغير مبرر عليه، ثم على جيسوس لذات السبب، ويحدث ذلك خاصةً في مدرجات ملعب المملكة أرينا وتكرر مع مالكوم وسافيتش في لقاء الرياض الدوري الأخير، وأشعل من جذوته بعض (مثيري)، عفوًا مؤثري، السوشل ميديا، وتعاطى معه بصورة غير متوقعة بعض الإعلاميين المحسوبين على الشأن الهلالي. صحيح أنَّ سقف الطموح لدى المشجع الهلالي عالي ويختلف عن أي مشجع آخر، لكن ينبغى ألا يتحول الأمر أبدًا إلى مبالغات وتجاوزات وإساءات تجعلها تدخل في نطاق (الجحود) وليست من باب الغيرة والمحبة. ورغم أن الهلال صالح جماهيره قبل مباراته المهمة يوم السبت المقبل أمام الاتحاد بفوزه على الوصل الإماراتي، وبالتالي ضمان تصدر مجموعته الآسيوية، والتأهل لدور الـ 16، هذا بالإضافة إلى أن حظوظ الفريق ما زالت بالملعب قائمة وبقوة، ولا ينقصها سوى عودة أجواء الهدوء المعتادة والدعم القوي الذي تعود عليه من أنصاره، إلا أنك تشعر أن هناك من لا يريد ذلك، بل يريد استمرار اشتعال الأجواء، واثبات أنه على حق حتى وإن كان المتضرر بالنهاية ومن قد يعصف به كل ما يحدث هو (الكيان)، وهو أمر دخيل جدًا على بيئة الهلاليين وشيئ يدعو للريبة والغرابة في نفس الوقت!