: آخر تحديث

ثلاثة تواريخ غيرت المنطقة

6
7
7

الساعة السادسة وتسعة وعشرون دقيقة من صباح السبت السابع من اكتوبر في العام ثلاثة وعشرين بعد الألفين هاجمت حماس بامر من قائدها يحيى السنوار، مواقع عسكرية اسرائيلية واحتلت عددا من بلدان جنوبية، قتلت ودمرت وحرقت.

ثم انسحبت حماس بعد نحو اربع وعشرين ساعة مع مائتين وخمسين اسيرا بين أطفال ونساء وشيوخ وشباب ومجندات ومجندين.

تاريخ لن ينساه الإسرائيليون مهما عاشوا، كان عارا جديدا يضاف إلى عار حرب حزيران في العام 1973 بحسب المنظور الإسرائيلي والذهنية الجمعية لليهود في إسرائيل والعالم.

السابع من اكتوبر هذا تعده حماس ومناصريها اكبر انتصار عربي على العدو الاسرائيلي إذ أذله اكثر من اذلال حرب تموز عام 2006 مع حزب الله، حماس سجلت نصرا لا يضاهى نسبة لقوتها المتواضعة قياسا بترسانة اسرائيل الهائلة والتطور التكنولوجي الذي لا حدود له.

السابع من اكتوبر بقدر ما اوجع اليهود اصبح مفتاحا للحرب الطويلة والنفس الاطول وجعل إسرائيل تستشرس في الدفاع والهجوم وتدمر قطاع غزة بالكامل وتقاتل على جبهة لبنان التي فتحها حزب الله ظنا ان إسرائيل لن تستطيع الصمود في حرب اكثر من ستة اشهر وستطلب وقفا للنار بشروط المقاومة ووحدة الساحات يمليها مرشد الثورة الإسلامية في ايران علي خامنئي.

الساعة السادسة وعشرون دقيقة مساء يوم الجمعة السابع والعشرين من سبتمبر من عام اربعة وعشرين بعد الألفين قامت طائرات الشبح اف 35 بتوجيه ثمانين صاروخا خارقا للتحصينات على مقر قيادة حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية وقتلت امين عام الحزب حسن نصر الله، ضربة معلم قالوا عنها في المنطقة وجرأة اسرائيلية لم يكن يحسب حسابها احد فقد اعتقد الجميع ان اسرائيل لن تغتال نصر الله خشية العواقب، ولكن ها هي اغتالته ودمرت العالم التي كانت من حوله واستمرت بحربها واغتالت خليفته هاشم صفي الدين وكل قادته من الصف الاول لتبقي نعيم قاسم الضعيف كي يوقع على اتفاق مذل لوقف اطلاق النار بامر من الولي الفقيه في طهران.

اغتيال نصر الله كان ايذاناً بانهيار محور المقاومة وقطع اذرع ايران العسكرية واحدا تلو الاخر، واسرائيل لم تكتف بوقف النار واستمرت في استهداف الحزب وعساكره وترساناته في شمال ووسط وجنوب لبنان وصولا إلى سوريا حتى خلال الايام الستين المقررة في اتفاق وقف النار دون ان ينبس امين عام الحزب الجديد ببنت شفه.

الحرب لم تنته في غزه وحرب الأسناد من حزب الله توقفت باتفاق رعاه ما يسمى في محور المقاومة بالشيطان الأكبر، اميركا التي أوعزت للعراق بوقف التحرش باسرائيل عبر المسيرات ففر قادة الحشد الشعبي وغادر من بغداد خبراء حرس الثورة الايراني ولكن بقي الحوثي سعيدا بإطلاق مسيراته وصواريخه تجاه الكيان الغاشم مخلفا بعض الاضرار المادية ويكفيه شوفا يقول متحدثه انهم يجبرون ملايين الاسرائيليين الدخول للملاجئ صبيحة كل يوم تقريبا.

الساعة السادسة وثماني عشرة دقيقة مساءً بتوقيت دمشق، يوم الثامن من ديسمبر في عام أربعة وعشرين بعد الألفين، سقط نظام الأسد بسرعة البرق. وخلال أحد عشر يومًا، لُخِّصت أحد عشر عامًا من الثورة والقتال، وتدخلت كل جيوش العالم لإنقاذ نظام مجرم قتل وشرد الملايين من أبناء شعبه.

سقط الاسد وفر الإيرانيون من سوريا بلمح البصر وغادرها الروس الذي عاثوا فيها قصفا وقتلا ودمارا إلى جانب مليشيات ايران من حزب الله إلى زينبيين مرورا بفاطميين ووصولا إلى الشبيحة وعناصر الكبتاغون.

سقط الأسد وهرب إلى موسكو، وغادر نصر الله وإخوانه بصواريخ إسرائيل، ومات يحيى السنوار بالصدفة، وتشرذم محور المقاومة وسط ذهول العالم وحيرة المشاهدين من هذه التطورات السريعة والعجيبة الغريبة. وعادت نظرية المؤامرة لتسجل حضورًا لافتًا، إذ إن العرب في منطقتنا لا يصدقون ما يحصل، ليس لأنهم لا يحبون ما حصل، إنما لأنهم تشبعوا من مراجل محور المقاومة الذي يستطيع، بكبسة زر، أن يدمر وزارة دفاع إسرائيل على حد قول أحدهم، أو في سبع دقائق تستطيع إيران تدمير إسرائيل، بحسب قول آخر من ذات المحور، إلى أن إسرائيل مرعوبة وعلى "أجر ونص" يتهكم واحدٌ آخر.

الحرب في غزة لم تنته بعد لكن المحور يبدو انه انتهى ومن كان حتى الأمس القريب منتصرا بحسب إعلامه العنيد، أصبح يجر اذيال الخيبة وينتظر ما سيقوله رئيس الشيطان الأكبر المنتخب دونالد ترامب بعد حفل تنصيبه في العشرين من يناير في العام خمس وعشرين بعد الألفين.

ثلاثة تواريخ اصبحت علامات فارقة غيرت مجرى الاحداث في الشرق الاوسط والعالم، لخصت مائة عام من العزلة العربية عن رؤية التطورات الحقيقية في المنطقة ورؤية مصلحة الانسان قبل مصلحة النظام ورأسه ومعاونيه.


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف