في ظل الصراع المستمر بين إسرائيل وحزب الله، شهدت العقيدة الأمنية الإسرائيلية تحولات استراتيجية مهمة في التعامل مع التهديدات في لبنان، مع التركيز على استخدام التكنولوجيا والحرب السيبرانية لتعزيز العمليات الاستخباراتية. يظهر هذا التطور من خلال الاعتماد على أدوات غير تقليدية، مثل تفجيرات أجهزة البيجر، التي تُستخدم لشل قدرة حزب الله على التواصل والعمليات. هذه العمليات الاستخباراتية الدقيقة تساعد في إضعاف الحزب دون تصعيد شامل، مما يسمح لإسرائيل بالحفاظ على تفوقها الاستراتيجي وتقليل الأضرار بين المدنيين.
تعتمد إسرائيل على أربعة محاور رئيسية: أولاً، استخدام الحرب السيبرانية والتكنولوجيا لتفجير أجهزة الاتصال التابعة لحزب الله، مما يعزز القدرة على مراقبة وسائل الاتصال البديلة. ثانيًا، تركز على الردع التكتيكي عبر التفجيرات الصغيرة والمركزة لاستهداف قدرات الحزب دون اللجوء إلى حرب شاملة. ثالثًا، تعتمد العقيدة على تعزيز الاستخبارات لضرب الأهداف بدقة عالية. وأخيرًا، تسعى إسرائيل إلى إيجاد توازن بين الردع والتصعيد للحفاظ على السيطرة على الصراع.
هذه العقيدة المطورة تهدف إلى حماية الأمن القومي الإسرائيلي مع تقييد قدرات حزب الله بشكل فعّال. استخدام أجهزة مفخخة في وسائل اتصال بديلة مثل البيجر يعكس استجابة مباشرة للتحديات التي واجهتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، خاصة مع تصاعد الأعمال العدائية بين الجانبين منذ عام 2023.
من المتوقع أن تستمر هذه الاستراتيجية في تفعيل المواجهات غير التقليدية، مما سيضع حزب الله في موقف دفاعي. في الوقت نفسه، سيكون على الحزب تطوير دفاعات جديدة لتحسين موقفه ضد هذه العمليات التكنولوجية المعقدة.
بشكل عام، يمكن القول أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية أصبحت أكثر ذكاءً وتخصصًا في مواجهة التهديدات من حزب الله، مع استخدام التقنيات الحديثة لتجنب التصعيد الشامل، والاستمرار في الضغط على الخصوم بأدوات فعالة ودقيقة. إضافة إلى ذلك، تعكس هذه العمليات الفجوة الواضحة بين إسرائيل ولبنان على مستوى التفوق التكنولوجي والاستخباراتي. وتحمل هذه العمليات رسالة واضحة للدول الأخرى، تؤكد فيها على ضرورة الوعي الأمني وتطوير القدرات في الفضاء السيبراني، لمواكبة التطور التقني السريع الذي أصبح يشكل بعداً حاسماً في الصراعات الحديثة.