: آخر تحديث

بالتوافق لا بنار الغرباء، معركة الدستور السوري الجديد؟

4
3
3

بعيداً من التفاؤل الساذج، إنها اللحظة الأخطر بل لحظة تعريفية فارقة لمستقبل سوريا لعقد أو لعقود. فمنذ تأسيس سوريا الحديثة في اتفاقيات سايكس بيكو، كان يُراد لها "سلاماً ما بعده سلام" بحسب ديفيد فرومكين. أما وقد سقط ذاك الظلم الوحشي، يصبح خراب العمران أهون الشرور! بل يكمن أشدّ الشرور وأخطرها في ذاك الركام الهائل من الخوف والغل بين المكونات، وفي خراب العقد الوطني، والعصبية الوطنية، عند مجمل القوم السوري، لتغدو روح الانتقام والخوف، جسوراً يعبر عليها الغرباء، يشعلونها وقوداً لصراع استراتيجي أبدي في الإقليم.شملت خريطة الفظاعة الهمجية الأسدية، كل مكونات الشعب السوري. ورغم الفروقات، نجد أن الوطنية السورية كانت الضحية الأولى للاستبداد البعثي. فما بين جماعات غاضبة من العرب السنّة الذين سُحقوا حتى العظم، إلى القوى الديموقراطية المدنية الواسعة التي سحق النظام عظامها إثر تظاهراتها السلمية، وبين أكراد رزحوا طويلاً تحت ظلم تاريخي تستّر تارة بالدين وتارة بالتعصب القومي البعثي. ثم لدينا، وبالقدر ذاته من الإذلال والابتزاز والفظاعة، ذاك المكوّن السوري الآخر، بعضه سنّي، وبعضه علوي، وبعضه مختلف، جرّته غياهب حكم الأسد ليصير وقوداً ومطية لماكينته الوحشية. راهن الأسد طويلاً بأن شعباً بهذا التنوع والتناقض، وبهذا القدر من الثقافة والوعي والعناد، لا يمكن أن يُدار إلّا بوحشية من مثل وحشيته. مهمتنا كسوريين الآن، أن ندحض منطقه الدموي. فبعد أن اندثر الأسد دون رجعة، يصبح السؤال الجوهري، هل يتمكن السوريون، رغم جراحهم العميقة، ومخاوفهم الكبيرة، من العيش معاً؟ وهل يمكنهم توجيه صفعة لمقولة الأسد، إن هذ الشعب لا يُحكم إلّا بالاستبداد؟ليست الإجابة بديهية!!في مواجهة منطق الغلبة والانتقام الذي لن ينجح إلّا في إطلاق دورات متسلسلة من العنف والعنف المضاد، يجب أن يشهر السوريون التفاوض والتوافق بالحوار الوطني حول سؤال شروط العيش المشترك. إنه سؤال المبادئ الوطنية المسبقة على أي دستور وأية شرعية وأية سلطة. ذلك أن أخطر ما يمكن أن يحصل هو ...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد