لن تقبل أميركا ولا الأوروبيون الهزيمة أمام روسيا. أميركا تدرس بشكل رئيسي إعطاء الأوكرانيين أسلحة تستهدف العمق الروسي، خصوصاً بعد فشل الهجوم الأوكراني في كورسك. ولم تتراجع روسيا في شرق أوكرانيا، بل استثمرت الموقف وتقدمت أكثر من ذي قبل، مستغلة فترة الانتخابات الأميركية. وقدمت لها إيران صواريخ باليستية مقابل تقديم تقنيات نووية لإيران، وفقاً لما ذكرته صحيفة "غارديان"، رغم أن روسيا لا تفضل امتلاك إيران لسلاح نووي. ويثير هذا مخاوف لدى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي جو بايدن من وجود اتفاق نووي سري بين إيران وروسيا، مما يضع أميركا في موقف حرج للغاية.
ما جعل إسرائيل، التي تحرص على جر أميركا إلى حرب إقليمية، لا تسعى فقط لتطبيق القرار 1701 الخاص بانسحاب حزب الله ما بعد الليطاني، بل لتطبيق القرار 1959 الصادر في 2 أيلول (سبتمبر) 2004. يشير هذا القرار إلى القرارات السابقة، وخاصة القرارات 425 و426 الصادرة عام 1978، والقرار 520 لعام 1982، والقرار 1553 لعام 2004، والتي تؤكد على دعم سلامة لبنان الإقليمية وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً. ولكن القرار 1701 يطلب بانسحاب حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، إلا أن وجود الصواريخ الإيرانية طويلة المدى بحوزة حزب الله ينسف هذا القرار ويجعله بلا قيمة. لذا، لا بد من القضاء على تلك الصواريخ إذا لم يتم تسليمها للحكومة اللبنانية. مثل هذه الخطوة قد تتيح المطالبة بتطبيق هذه القرارات على سوريا والعراق واليمن.
إسرائيل تطالب أيضاً بضرب إيران التي تقدم صواريخ لليمن، تم إطلاق أحدها على تل أبيب للمرة الثانية. وقد تسبب شظايا الصاروخ بأضرار في محطة قطارات قرب بلدة كفار دانيئل، بينما يعتبر البعض أن الصاروخ أطلق من العراق. إلا أن هناك تنسيقاً جعل الحوثيين يتبنون الهجوم، رغم بُعدهم عن إسرائيل.
لم ينف الرئيس الإيراني إرسال صواريخ لليمن، بل نفى إرسال صواريخ فرط صوتية للحوثيين. أعلنت إيران في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 عن صاروخ "فتاح 2"، يبلغ مداه 1400 كيلومتر ويقطع مسافة 5.1 كيلومتر بسرعة تصل إلى 15 ماخ (أي أسرع من الصوت بـ 15 مرة). الرئيس الإيراني أكد استمرار بلاده في صناعة الصواريخ الباليستية لردع عدوان إسرائيل، مشيراً إلى أنه لا مانع من التراجع التكتيكي أمام العدو.
إقرأ أيضاً: رسائل بايدن في ذكرى إنزال النورماندي
إسرائيل لا تعنيها مثل هذه التصريحات دون تحقيق خطوات عملية على الأرض، مثل تفكيك حزب الله ليصبح لبنان دولة خالية من الميليشيات، استعداداً لعهد تنموي جديد. تعتبر إسرائيل نفسها جزءاً من مشاريع مثل "الحزام والطريق" و"الممر الهندي الأخضر"، ولكنها لا تثق بإيران، خاصة بعد توريد الأخيرة صواريخ باليستية إلى روسيا.
رغم عدم التحقق من مزاعم إيران بشكل مستقل، فإن الخبراء يرون تقدماً ملموساً في تطوير الصواريخ. يعتبر مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أليكس فاتانكا، أن إيران لديها تاريخ في المبالغة بقدراتها الصاروخية. ومع ذلك، يؤكد الباحث جون كرزيزانيك من مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية، أن قدرات صاروخ "فتاح 2" صحيحة، حيث يتميز بإمكانية المناورة مقارنة بالأنظمة السابقة.
تشير تقارير من أوكرانيا إلى أن نظام "باتريوت" قد أسقط صواريخ "كينجال" الروسية التي تشبه صاروخ "فتاح" من حيث المناورة بسرعات عالية. إسرائيل تشعر بالقلق بعدما حققت السعودية تهدئة مع إيران برعاية بكين، مما جعل إسرائيل وحيدة في مواجهة تلك الصواريخ.
إقرأ أيضاً: أميركا في البحر الأحمر للتفرد وإبعاد الخصوم؟
تتأهب إسرائيل لاحتلال شريط أمني في لبنان وسط تلاشي فرص التسوية، بينما يجري عاموس هوكشتاين المبعوث الأمريكي الخاص محادثات في تل أبيب لمنع اندلاع حرب واسعة. في الوقت نفسه، يهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستبعاد وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يعارض توسيع الحرب مع لبنان.
تزامناً مع هذه التحركات، تطالب الدول العربية بربط المقاومة المسلحة في فلسطين بأفق سياسي واضح تقوده السعودية، خصوصاً بعدما وافقت 148 دولة على إقامة دولة فلسطينية، نتيجة الجهود السعودية التي يقودها وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، رئيس وفد الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.