: آخر تحديث

تهديدات إيران النووية: محاولة يائسة لتغطية رعبها من الضغوط

2
1
1

تواجه إيران ضغوطًا متزايدة بالتزامن مع اقتراب عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي وقرارات حاسمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية عباس عراقجي، تعكس بوضوح حالة قلق من تصعيد هذه الضغوط على أنشطتها النووية والصاروخية، مما دفعهم إلى إطلاق تهديدات جديدة.  

صرّح عباس عراقجي على منصة "إكس" في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) قائلاً: "الاتحاد الأوروبي يستخدم ذريعة الصواريخ غير الموجودة لاستهداف خطوط الشحن لدينا"، مشيرًا إلى أنَّ هذه الإجراءات، بحسب تعبيره، تفتقر لأي أساس قانوني، أخلاقي، أو منطقي. جاءت هذه التصريحات في وقت يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات تستهدف صناعة الشحن الإيرانية، متهمةً النظام بتسهيل نقل الصواريخ والأسلحة إلى روسيا. هذه العقوبات الجديدة تضاف إلى أخرى فرضها الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي، مستهدفةً شركات طيران إيرانية مثل "إيران للطيران" و"ماهان للطيران" لدورهما في أنشطة مشابهة.

وفي مقابلة تلفزيونية، أعرب عراقجي عن استيائه من قرار محتمل للوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد طهران، مهددًا باتخاذ خطوات جديدة في البرنامج النووي الإيراني ردًا على أي تصعيد دولي. وقال: "إذا صدر قرار ضدنا، فستتخذ إيران إجراءات لن تعجبهم بالتأكيد". وأكد أن طهران مستعدة للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه شدد على أن هذا التعاون لن يستمر إلا في سياق علاقة "تعاونية وليست تصادمية".

تهديدات نووية تعكس حالة ارتباك
رغم الخطاب التصعيدي، تظهر أفعال النظام الإيراني نمطًا ثابتًا من عدم الامتثال والمماطلة. على مدى سنوات، عرقلت طهران عمليات التفتيش الدولية ولم توضح وجود آثار لليورانيوم في مواقع غير معلنة. كما رفعت تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية، مما أثار مخاوف دولية من احتمالية تطلعها إلى تطوير سلاح نووي، رغم ادعاءاتها بأن البرنامج لأغراض سلمية.  

في الأسابيع الأخيرة، صعّد مسؤولون إيرانيون تصريحاتهم علناً بأن طهران لابد وأن تتحرك لإنتاج الأسلحة النووية. ووصف بهنام سعيدي، عضو لجنة الأمن القومي، مراجعة وتعزيز استراتيجية الدفاع للنظام بأنها "ضرورية ومشروعة" لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية. ودعا أحمد نادري، عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، بشكل مباشر إلى تطوير قنبلة نووية، قائلاً: "ما لم نتحرك نحو امتلاك قنبلة نووية، لن يتحقق التوازن في المنطقة".

وقد برر ذلك بامتلاك إسرائيل لرؤوس نووية، معتبرًا أن التوجه نحو تطوير سلاح نووي ضروري لخلق "توازن رادع". وأضاف أن هذا النهج يحظى بدعم كبير بين النخب الإيرانية، معترفًا بأن الاستثمارات النووية الحالية لم تحقق مكاسب أمنية ملموسة. كما أكد كمال خرازي، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، في تصريحات سابقة، أن تغيير عقيدة إيران النووية ممكن إذا واجهت تهديدًا وجوديًا.  

تحركات دولية وتشكيك في نوايا إيران  
خلال زيارته الأخيرة لإيران، حثّ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، طهران على اتخاذ "خطوات ملموسة" لحل النزاعات القائمة وإظهار شفافية حقيقية في تعاملاتها النووية. وقال غروسي: "إننا قادرون هنا على اتخاذ إجراءات عملية من شأنها أن تُظهر بوضوح للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن بإمكاننا معالجة الأمور بطريقة جادة والمضي قدمًا نحو حلول ملموسة". 

ورغم أهمية هذه الدعوة، قوبلت كلمات غروسي باستجابات غامضة من الجانب الإيراني. فعلى سبيل المثال، أعرب الرئيس مسعود بزشكيان عن استعداد بلاده "للتعاون لحل الغموض"، إلا أن هذه التصريحات لم تُبدد الشكوك الدولية، إذ طغى سجل طهران الحافل بالمراوغة والكذب على أي وعود تُقدَّم.

العالم أمام اختبار حاسم  
على مدى عقود، عمدت طهران إلى تجنّب المساءلة الدولية عبر تصوير نفسها كضحية لعدوان غربي مستمر، بينما كانت تُواصل تطوير برامجها النووية والصاروخية في تحدٍ صارخ للاتفاقيات الدولية. تعكس تصريحات عراقجي وتهديداته الأخيرة نهجًا مألوفًا للنظام يقوم على استخدام التهديدات والخداع لإبعاد الأنظار عن تدقيق المجتمع الدولي.

ومع ذلك، فإن تصاعد انتهاكات النظام وانعدام الشفافية قد قلّل كثيرًا من فاعلية هذه التكتيكات، تاركًا طهران في موقف أكثر عزلة.

يتعين على المجتمع الدولي أن ينظر بعين فاحصة إلى ازدواجية النظام الإيراني وأن يتصرف بحزم لوقف تماديه. العقوبات الجديدة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، إلى جانب قرارات صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تُعدّ خطوات أساسية في محاسبة طهران. لم يعد هناك مجال للسماح لألاعيب النظام بإطالة أمد أزماته النووية. إن نظام الملالي، الذي اعتمد طويلًا على استغلال الوقت لكسب مكاسب سياسية، بات يواجه عدًّا تنازليًا لا يمكنه تجاوزه، ويجب على العالم ضمان نفاد هذا الوقت لصالح الأمن والاستقرار الدولي.

تفعيل آلية الزناد لوقف الطموحات النووية الإيرانية  
في سياق تصعيد التهديدات النووية من قبل النظام الإيراني، تأتي تصريحات مريم رجوي لتؤكد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات حاسمة لوقف طموحات النظام النووية.  

فقد شددت الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، على أنَّ الخطوة الأولى لمنع النظام من تطوير قنبلة ذرية هي تفعيل آلية الزناد في قرار مجلس الأمن رقم 2231، إلى جانب إعادة تفعيل قرارات مجلس الأمن الستة بشأن مشاريعه النووية. وأضافت أن مجلس الأمن يجب أن يتحرك فورًا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمحاسبة النظام الإيراني وضمان الأمن والسلام الدوليين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف