إيلاف من لندن: تقرر عقد جلسات القمة العالمية الأولى حول سلامة الذكاء الاصطناعي التي تستضيفها المملكة المتحدة يومي 1 و2 نوفمبر في بلتشلي بارك أحد المواطن الأولى لعلوم الكمبيوتر.
وعلى أجندة القمة قرارات مهمة حول إجراءات دولية سريعة، وحشد التأييد لها، لتعزيز سلامة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة.
و"بلِتشلي بارك" الذي ستعقد فيه جلسات القمة، هو قصر وعقار ريفي إنكليزي يقع في منطقة بلتشلي، ميلتون كينز بمقاطعة باكينغهامشاير) وكان أصبح المركز الرئيسي لـ(أنيغما) لفك رموز الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.
وكان تم تشييد القصر خلال السنوات التي أعقبت عام 1883 للممول والسياسي السير هربرت ليون على الطراز القوطي الفيكتوري، والتيودور، والباروكي الهولندي، في موقع المباني القديمة التي تحمل الاسم نفسه.
وستجتمع حكومات دولية، وشركات رائدة بمجال الذكاء الاصطناعي، وخبراء في الأبحاث للمشاركة في محادثات حاسمة في نوفمبر حول التطوير والاستخدام الآمنيْن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة، وقد أعلنت الحكومة البريطانية بأن بلِتشلي بارك سيكون مقرا لانعقاد القمة.
النمو الاقتصادي
وتُعقد هذه القمة العالمية الكبيرة للنظر في مخاطر الذكاء الاصطناعي، وخاصة في التطور الرائد، ومناقشة سبل تخفيف هذه المخاطر من خلال العمل المنسق دولياً، حيث نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة تتيح إمكانات هائلة لتعزيز النمو الاقتصادي، ودفع عجلة التقدم العلمي، وتحقيق منافع عامة أوسع، لكن في الوقت ذاته يمكن أن تشكل مخاطر على السلامة في حال عدم تطويرها بشكل مسؤول.
وسوف تشهد القمة العمل المنسق للاتفاق على مجموعة من التدابير السريعة والمحددة لتعزيز سلامة الاستخدام العالمي للذكاء الاصطناعي.
وتجري الاستعدادات للقمة على قدم وساق. وقد جرى مؤخرا تعيين ماثيو كليفورد وجوناثان بلاك ممثليْن لرئيس الوزراء معنييْن بالذكاء الاصطناعي، حيث سيرأسان معا المحادثات والمفاوضات، ويحثان الدول والخبراء الرائدين في مجال الذكاء الاصطناعي على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة لضمان أن توفر القمة منصة للدول للعمل معا لمواصلة بلورة نهج مشترك للاتفاق على تدابير السلامة اللازمة للتخفيف من مخاطر الذكاء الاصطناعي.
تصريح سوناك
وقال رئيس الوزراء، ريشي سوناك: "تعتبر المملكة المتحدة منذ وقت طويل موطناً لتقنيات المستقبل التحويلية، بالتالي لا يوجد مكان أفضل من بلِتشلي بارك لاستضافة أول قمة عالمية على الإطلاق لسلامة الذكاء الاصطناعي في شهر نوفمبر المقبل".
وأضاف: "وسعياً للاحتضان الكامل للفرص الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، يجب علينا السيطرة على المخاطر ومعالجتها لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بأمان في السنوات المقبلة".
وقال سوناك: "ومن خلال القوة المشتركة لشركائنا الدوليين، وقطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر، والمجتمع الأكاديمي المتخصص، يمكننا تأمين العمل الدولي السريع الذي نحتاجه من أجل تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومسؤولة في جميع أنحاء العالم."
وزيرة العلوم
ومن جهتها، قالت وزيرة العلوم والابتكار والتكنولوجيا ميشيل دونيلان: "التعاون الدولي هو حجر الزاوية في نهجنا تجاه تنظيم الذكاء الاصطناعي، بالتالي نودّ أن تُسفر القمة عن اتفاق الدول الرائدة والخبراء على نهج مشترك لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة".
وأضافت: "ولطالما تعتبر المملكة المتحدة دولة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، ونحن في مكانة تؤهلنا لقيادة هذه المناقشات. كما إن مقر بلِتشلي بارك كخلفية لعقد القمة سيؤكد مجددا قيادتنا التاريخية في الإشراف على تطوير التكنولوجيا الجديدة".
وقالت دونيلان: "الذكاء الاصطناعي يساعد بالفعل في تحسين حياة الناس، بدءاً بالابتكارات الجديدة في مجال الرعاية الصحية وحتى دعم الجهود الرامية إلى معالجة تغير المناخ. وسوف تحرص قمة نوفمبر على ضمان قدرتنا جميعاً على الاستفادة لعقود قادمة، بسلام وأمان، من الفوائد الهائلة التي توفرها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي."
وقالت وزيرة العلوم: سوف تستند القمة أيضاً على العمل المستمر في المنتديات الدولية، بما فيها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والشراكة العالمية بشأن الذكاء الاصطناعي، ومجلس أوروبا، والأمم المتحدة، والمنظمات المعنية بوضع المعايير، بالإضافة إلى عملية الذكاء الاصطناعي التي اتفقت عليها مجموعة السبع في هيروشيما مؤخراً.
مؤهلات قوية
ونوهت دونيلان إلى أن المملكة المتحدة تتمتع بمؤهلات قوية كدولة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث يعمل في قطاع التكنولوجيا أكثر من 50,000 شخص، وهذا القطاع يدعم بشكل مباشر إحدى الأولويات الخمس لرئيس الوزراء من خلال المساهمة بمبلغ 3.7 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد. وتعتبر المملكة المتحدة مسقط رأس شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة، مثل غوغل ديبمايْند Google DeepMind. كما استثمرت المملكة المتحدة في أبحاث سلامة الذكاء الاصطناعي أكثر من أي دولة أخرى، ودعمت إنشاء فريق العمل المعني بالنماذج الأساسية للتعلم الآلي بمبلغ أولي قدره 100 مليون جنيه إسترليني.
كلام كليفرلي
وعلى صلة، قال وزير الخارجية جيمس كليفرلي: "لن يُستثنى أي بلد من الذكاء الاصطناعي، ولن تتمكن أي دولة بمفردها من حل التحديات المصاحبة لهذه التكنولوجيا. لذا، في عالمنا المترابط، يجب أن يكون لدينا نهج دولي".
وأضاف: "يمكن تعقُّب أصول الذكاء الاصطناعي الحديث إلى بلِتشلي بارك. والآن، سيعود ليكون موطنا للجهود العالمية الرامية إلى بلورة الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي".
وقال كليفرلي: استضافة هذه القمة في بلِتشلي بارك تعكس الإرث الذي تفتخر به المملكة المتحدة بكونها في طليعة التطورات التكنولوجية الجديدة. فمنذ العمل الشهير الذي قام به آلان تورينغ قبل حوالي ثمانية عقود، أصبحت الحوسبة وعلوم الكمبيوتر ركائز أساسية للحياة في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم.
رئيس بلتشلي بارك
وقال إيان ستاندن، الرئيس التنفيذي لأمانة بلِتشلي بارك: "إنه لشرف عظيم لأمانة بلِتشلي بارك اختيار مقرنا لاستضافة أول قمة دولية كبرى حول سلامة الذكاء الاصطناعي في نوفمبر المقبل، ونحن نتطلع إلى الترحيب بالعالم في مقرنا التاريخي".
وأضاف: "ومن المناسب أن يكون الموقع الذي سخَّرت فيه العقولُ الرائدة التكنولوجيا الناشئة لتحقيق النتيجة الناجحة للحرب العالمية الثانية هو نفسه، مرة أخرى، بوتقةً للعمل الدولي المنسق".
وتابع: "إننا متحمسون للغاية لتوفير مسرح للمناقشات حول معايير السلامة العالمية، والتي ستساعد الجميع على إدارة ومراقبة مخاطر الذكاء الاصطناعي."
جذور الذكاء الاصطناعي
وقال ستاندن: يمكن تعقب جذور الذكاء الاصطناعي إلى العقول الرائدة التي عملت في بلِتشلي بارك خلال الحرب العالمية الثانية، وكان الخبيران في حل الشيفرات جاك غود ودونالد ميتشي من بين من كتبوا أبحاثا واسعة النطاق حول التكنولوجيا. وفي نوفمبر، سيحتل الذكاء الاصطناعي مركز الصدارة مرة أخرى عندما يلتقي المجتمع الدولي للاتفاق على حواجز مهمة للحماية تضمن إمكانية الاستفادة من فرص الذكاء الاصطناعي وإدارة مخاطره بأمان.
وإلى ذلك، يأتي الإعلان عن مقر انعقاد قمة الذكاء الاصطناعي في بلتشلي بارك، في أعقاب رصد الحكومة البريطانية لمبلغ 13 مليون جنيه إسترليني لإحداث ثورة في أبحاث الرعاية الصحية بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، والتي جرى الكشف عنها الأسبوع الماضي.
ويدعم هذا التمويل مجموعة من المشاريع الجديدة، بما فيها التحولات في عمليات جراحة أورام المخ، وأساليب جديدة لعلاج آلام الأعصاب المزمنة، ونظام للتنبؤ بخطر إصابة المريض بمشاكل صحية مستقبلاً بناءً على ظروفه الحالية.