بعد أقل من سنتين من ظهور جائحة كورونا، تعود من جديد أزمة جديدة لتضع العالم أمام كارثة أخرى، مؤثرة اقتصادياً أيضاً، بسبب إعلان عملاق العقارات الصينية «إيفرغراند» تعثرها وعدم قدرتها على سداد ديونها التي بلغت 300 مليار دولار. الشركة ضخمة إلى حد إثارة مخاوف لدى الخبراء من حدوث خطر عدوى تعصف بالاقتصاد الصيني، أو ما وراء ذلك.
تستحضر الذاكرة سيناريو سقوط بنك «ليمان براذرز» في أمريكا عام 2008، والذي امتدت آثاره للاقتصاد العالمي، وهو التخوف المسيطر الآن، حيث إن سقوط شركة مثل إيفرغراند أو إعلان إفلاسها سيتسبب في موجة ذعر في أسواق المال في العالم كلها.
الكارثة الاقتصادية التي تواجهها الصين، وقد يواجهها العالم من بعدها، لم تأتِ فجأة، بل جاءت بعد أن شهد سوق العقارات الصيني فقاعة عقارية منذ ثلاث أو أربع سنوات مضت، إذ وصلت كلفة المنزل إلى ما يعادل متوسط راتب موظف لأكثر من 20 عاماً، مقابل 4 أعوام في السوق الأمريكي.
أزمة الشركة تسببت في نظرة محبطة لتداعيات الأزمة على الاقتصاد الصيني، الذي يعاني تباطؤاً أصلاً في معدل النمو، إذ أعلنت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تخفيض توقعاتها لمعدل نمو الاقتصاد الصيني لعامي 2021 و2022، وهو أمر ربما تتحمل بكين تبعاته، بل والعالم كله.
وتتزامن هذه الأزمة التي تؤثر بالسلب على نمو ثاني أكبر اقتصاد عالمي، على شكل الاقتصاد العالمي ككل، في ظل مخاوف من أن يقدم الاقتصاد الأمريكي صاحب المركز الأول على أزمة مالية تاريخية، إذا لم تلجأ واشنطن إلى رفع حد سقف الدين، وهو أمر يجعلنا جميعاً أمام مشهد ضبابي ومربك بامتياز.
تحاول أسواق رئيسية امتصاص أثر الصدمة في محاولة لتخطيها، وفي هذا الإطار يمكن فهم تصريح كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، بأن تداعيات الأزمة على القارة الأوربية ستكون محدودة في هذه اللحظة، فما نراه في هذه اللحظة هو تأثير وتعرض للخطر يتمركز حول الصين.
الحكومة الصينية تحاول أن تجنب نفسها أولاً ويلات تعثر هذا العملاق الاقتصادي الكبير، بشكل يحافظ على صورتها عالمياً، خصوصاً بعد الضربات الكبيرة التي تتلقاها من أمريكا ومن الاتحاد الأوروبي، إذ قد تستحوذ بكين على الشركة حفاظاً على السوق العقاري الصيني، ولضمان استمرار توليد وظائف جديدة مباشرة أو غير مباشرة.