: آخر تحديث
أزولاي:معلم متنور وكاتب موهوب ومناضل

"نظرات متقاطعة"حول كتابات الراحل إدمون عمران المالح بمعرض الرباط

59
50
35
مواضيع ذات صلة

إيلاف من الرباط:بحضور شخصيات بارزة في المشهد الثقافي المغربي،وعدد من الأصدقاء والعارفين بأعمال الكاتب والمفكر المغربي الراحل إدمون عمران المالح، شكل اللقاء رفيع المستوى الذي نظم، السبت، بالرباط،في إطار فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، فرصة لاستعراض المنجز الحافل لهذه القامة الكبيرة في الساحة الفكرية والثقافية المغربية.

من لقاء "نظرات متقاطعة: إدمون عمران المالح، فكر يسائلنا" بالرباط

وتميز هذا اللقاء، الذي نظمته مؤسسة إدمون عمران المالح بتنسيق مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل،حول موضوع "نظرات متقاطعة:إدمون عمران المالح،فكر يسائلنا"، بشهادات ومداخلات استعرض خلالها الأكاديمي إدريس خروز،والمستشار الملكي أندري أزولاي،والروائي والشاعر ووزير الثقافة السابق محمد الأشعري،والباحث محمد الحبيب سمرقندي،جوانب مختلفة من مساراتهم إلى جانب المالح، مسلطين الضوء على كتاباته المنتقاة وفلسفته في الحياة وحسه الوطني النضالي.

إدموند عمران المالح

وحدد خروز،مسير اللقاء، ثلاثة محاور رئيسية لوجهات النظر المتقاطعة للمنجز "المركب" للمالح، وهي "المعنى"، و"الميدان، بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة (الفاعلون، الموضوعات)" و"الاعتراف بمغربية التنوع".

وقال أزولاي،في كلمة بالمناسبة،إن"إدمون عمران المالح،رفيق الدرب الغالي،والمعلم المتنور،والرائد كان ليكون أسعد المغاربة معنا في شهر مايو 2024 الجميل هذا بين عشرات الآلاف من الزوار من جميع الأجيال الذين جاؤوا من جميع أنحاء المغرب للاحتفاء بالكتاب،والإنصات والنقاش حول جميع الكتب".كما أشاد أزولاي بوزارة الثقافة للنجاح غير المسبوق الذي حققه المعرض الدولي للنشر والكتاب هذه السنة حيث كان "حافلا بأكثر الوعود جمالا لبلادنا اليوم وغدا".

وشدد أزولاي على أن الراحل" الكاتب الموهوب والملتزم والمناضل من أجل التنوع، كان ليفخر معنا هذا المساء بمستوى الزخم التاريخي الذي تشهده بلادنا في ما يتعلق بشرعية وغنى كل تنوعاتنا المسنودة بإجماع وطني يشكل جوهر قيادة بلادنا، في وقت تنتعش فيه من حولنا أوهام الإقصاء والانطواء الهوياتي ونبذ الآخر".

وخلص أزولاي إلى أنه كان يتقاسم مع المالح "حب الصويرة والشغف بها"،مجددا التأكيد على امتنانه الكبير لأجمل الصفحات التي كتبها عن "الملحمة الصويرية" وعن "يهوديته المتنورة التي علمتنا في وقت مبكر جدا، كما علمت آخرين كثيرين، بأن قوة اليهودية المغربية وأخلاقها وحداثتها الفلسفية والاجتماعية إنما تشكلت وتغذت من خلال احترام كرامة وحرية الآخر غير اليهودي المقابل لنا".

آخر كتب إدمون عمران المالح (رسائل إلى نفسي، 2010).

من جانبه،أشاد الأشعري بـ"النهج الشعري" الذي ميز منجز الراحل المالح "فيلسوف القيم والحياة"،مشيرا إلى أن كتابته لا تقوم "على الحياة"،بل "هي الحياة نفسها مدفوعة بالبحث عن الحرية والاكتشاف والدفاع عن القضايا العادلة".

ورأى الأشعري أنه بالإضافة إلى التزام الراحل لفائدة القضية الفلسطينية، فقد كان هذا المثقف اليهودي المغربي الكبير متشبثا بذاكرة اليهودية المغربية في إطار مقاربة تقوم على العلاقة بين الحاضر والمستقبل، وليست موجهة نحو الماضي.

من جانبه،تقاسم سمرقندي الذي جمعته الصداقة بالراحل إدمون عمران المليح، مع الحضور،مقتطفات من كتاباته التي تشهد على تنوع المجتمع المغربي،حيث "لا يتعلق الأمر بالعيش المشترك أو اختلاف في الدين وإنما بمصير مشترك".

وأشار سمرقندي إلى أن المجتمع المغربي كان يرمز بالنسبة له إلى"الجذع الذي له فروع في كل كلمة وكل جملة وكل نص".

وغيب الموت المالح في 2010 عن سن تناهز 93 سنةبالرباط.وتمت مواراة جثمانه في مدينة الصويرة(جنوب الدارالبيضاء)تنفيذا لوصيته. 

والصويرة،من أكثر المدن المغربية التي تضم  عددا كبيرا من أفراد الطائفة اليهودية المغربية.

ولد المالح،الذي عرف بمواقفه المناوئة لإسرائيل،والمساندة للشعب الفلسطيني، كما تميز بمسار أدبي متألق،عام 1917 في آسفي(جنوب الدار البيضاء)،والتحق بالحزب الشيوعي المغربي عام1945،وأسهم بشكل عملي في معركة الاستقلال،قبل أن يستقيل عام 1959 من مهامه الحزبية ويقطع صلته بالعمل السياسي،ويبدأ تجربة تدريس الفلسفة، قبل الهجرة إلى فرنسا، لكنه ظل محافظا  على وشائجه القوية مع بلده المغرب، الذي عاد للاستقراربه نهائيا عام 1999.

لم تدرك حرفة الأدب الكاتب الراحل إلا بعد أن جاوز عمره الستين،ليصدر عام 1980 سيرته الذاتية "المجرى الثابت"في باريس.ثم توالت بعدها رواياته المتميزة:"أيلان أو ليل الحكي" (1983)،"ألف عام بيوم واحد" (1986)، و"عودة أبو الحكي" (1990)،و"آبنر أبو النور"(1995)،و"المقهى الأزرق" (1998)،وكان آخركتبه"رسائل إلى نفسي" (2010)، إضافة إلى إصدارات فكريةونقدية متنوعة.

ويقول عنه النقاد في المغرب إنه"طائر حر من النوع النادر"،و"أديب من طينة استثنائية"،وإنه "إحدى القامات الأكثر شموخا في  المشهد الأدبي المغربي".

وإلى الكتابة الأدبية، عرف الراحل باهتمامه بالفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، وظل يحتفظ بصداقات مع معظم التشكيليين المغاربة. 

ورأى كثيرون في المالح نموذجا للأديب المغربي الأصيل،الذي رفض الفرنكفونية وانتقدها بشدة،على الرغم  من أنه كان يكتب بالفرنسية،وهو الذي دافع بشراسة عن القضية الفلسطينية،وفضح إسرائيل ومناوراتها،مع أنه يهودي الديانة. 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات