: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

الأيديولوجيا النازية والصداقة: أيهما أقوى؟

236
226
224
مواضيع ذات صلة

من أقوى؟ الأيديولوجيا النازية أم الصداقة؟ يُستشف من كتاب كاثرين كريسمان تايلور "العنوان مجهول" أن هذه الأيديولوجيا خربت الصداقة وهدمت القيم الاجتماعية... وسادت.

إيلاف: يُعد كتاب الأميركية كاثرين كريسمان تايلور "العنوان مجهول" Address Unknown (منشورات سيربنتس تايل، 15 جنيهًا إسترلينيًا) من أروع الكتب التي نُشرت عن الظلام النازي. صدر أول مرة في مجلة "ستوري" في سبتمبر 1938، ثم في كتاب بعد عام، ليصبح أكثر الكتب مبيعًا.

صديقان من ألمانيا
بمجرد نجاحهم في إنهاء الديموقراطية وتحويل ألمانيا إلى ديكتاتورية حزب واحد، نظم النازيون حملة دعاية هائلة لكسب ولاء الألمان وتعاونهم. وتولت وزارة الدعاية النازية كل أشكال الاتصال في ألمانيا: الصحف والمجلات والكتب. لذلك، منعت ألمانيا النازية نشر كتاب تايلور الذي حظي بإشادة كبيرة في الولايات المتحدة ومعظم أوروبا، وتمت ترجمته بلغات عالمية عدة، وتحويله إلى فيلم في عام 1944. وحتى يومنا هذا، ما زال من الكتب الأكثر مبيعًا.

تروي تايلور في الكتاب قصة خيالية عن صديقين من ألمانيا كانا يعيشان في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، أحدهما يهودي يُدعى مارتن، والآخر يُدعى ماكس، وكيف أحدثت الأفكار النازية الشرخ بينهما.

يقدم الكتاب صورة صارخة عن الأيديولوجيا وسعيها إلى السيطرة، وتحويل الأفراد إلى مؤيدين، من خلال إمدادهم بالمفاهيم والصور المترابطة التي تساعدهم على فهم العالم والظواهر المحيطة بهم. ويظهر هذا الموضوع جليًا في الكتاب من تأثر مارتن بالأفكار النازية واتخاذه قرار العودة إلى ميونيخ الألمانية.

أيديولوجيا أقوى من الصداقة
تصور تايلور كيف تشوه الأيديولوجيا الطبيعة البشرية، حيث تنتج بشرًا همجيين، متحمسين إلى حد الهستيريا، مستعدين لتدمير الكرة الأرضية ومن فيها إذا سنحت لهم الفرصة. وخلال هذه الحماسة الهستيرية، يُعاد صوغ المفاهيم الأخلاقية والقيم، ما يؤثر في سلوك الجماهير الاجتماعي، فيتحوّل الشر إلى خير، والقتل إلى فعل نبيل.

تتتبع القصة معالم الفاشية وعبادة القائد، وتحذرنا من أن الأيديولوجيا، بمجرد أن تتحوّل إلى حمى، ستكون أقوى من الصداقة. فالأفكار النازية غيّرت نظرة مارتن إلى ماكس الذي لم يعد يراه صديقًا، بل يراه ممثلًا لـ "اليهود".

كما هو معروف، كانت العنصرية المعادية لليهود في ألمانيا عام 1933 أمرًا شائعًا، لكن ما يبعث على الشعور بالصدمة في الكتاب هو تفوه مارتن بعبارات معادية للسامية أمام رجل اعتاد أن يكون صديقه، بقوله: "الجنس اليهودي علة أي أمة تؤويه".  

القائد اللطيف!
تدرك تايلور أيضًا كيف تتسلل العنصرية إلى الشخص الذي يسمح لها بالدخول. فبينما يقول ماكس في الكتاب إنه يثق في "العقل الليبرالي والقلب الدافئ" لصديقه القديم، فإن مارتن لن يستغرق وقتًا طويلًا ليستسلم، ويعشق "القائد اللطيف" (أدولف هتلر)، ويصبح مستعدًا للموافقة على أي عملية جراحية قد تكون ضرورية لاستئصال "السرطان" الذي يصيب الوطن الأم.

تتلخص نظرة تايلور في أن الأيديولوجيا المدمرة لا يمكن أن تصنع مجتمعًا، ولا يمكن أن تحمي قيم جماعية، لأن كل إنسان له مفرداته الخاصة التي يعيش بها داخل أي مجتمع من المجتمعات بكل موروثاته وبكل القيم التي نشأ عليها في مجتمعه المتغير، وهي سلاح خطير، لأنه يتحكم في معتقدات الناس ويوجه سلوكهم وفق القيم والمبادئ التي يؤمنون بها، وتحول رؤية الفرد إلى رؤية جماعية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/books/2019/aug/23/in-praise-of-address-unknown-the-anti-nazi-novel-that-saw-into-the-future?utm_term=RWRpdG9yaWFsX0Jvb2ttYXJrcy0xOTA4MjU%3D&utm_source=esp&utm_medium=Email&utm_campaign=Bookmarks&CMP=bookmarks_email
 
 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات