: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

الفلسطيني الأخير: سيرة محمود عباس بأقلام إسرائيلية

485
582
451

رغم أن محمود عباس كان مدافعًا شرسًا عن حقوق الفلسطينيين، إلا أنه اعتمد في الآونة الأخيرة أساليب فردية تبقيه حاكمًا، بحسب كاتبين إسرائيليين، كما إنه لم يرتق يومًا إلى مستوى بطل جريء لأنه لم يعد مكان للبطولات في غمرة المصائب التي حلت بالفلسطينيين.

إيلاف: يقول ناشر الكتاب إن "الفلسطيني الأخير" هو أول كتاب بالانكليزية يروي سيرة محمود عباس، الذي خلف ياسر عرفات في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين بات القائد الرمزي للحركة الوطنية الفلسطينية.  

الفلسطيني الأخير.. سيرة حية لرجل غامض

تحاول هذه السيرة الاستثنائية لحياة الرئيس محمود عباس "الفلسطيني الأخير: صعود وحكم محمود عباس " The Last Palestinian: The Rise and Reign of Mahmoud Abbas للكاتبين غرانت روملاي وأمير تيبون (منشورات دار بروميثيوس بوكس، مكون من 274 صفحة، 24$) تحاول هذه السيرة أن تتوخى الموضوعية وسط عالم السياسة المحفوف بالمخاطر والتناقضات في الشرق الأوسط. لكن الحكم على موضوعيتها ما زال مفتوحًا للنقاش. 

ضد العنف
يرى الكاتب الأميركي نواه كندي في مراجعته للكتاب أن "المثير للدهشة أن ما يقوله الناشر صحيح"، منوهًا بأداء مؤلفَي السيرة، غرانت رملي الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والزميل الزائر سابقًا في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، وأمير تيبون الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية.  

يشير كندي إلى أنهما يقدمان عرضًا شيقًا للأحداث واللاعبين الذين أوصلوا عباس والفلسطينيين إلى وضعهم الحالي. 
وللقارئ الغربي غير المتخصص، الذي يحاول أن يواكب تعقيدات النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن هذا الكتاب ينجح في رسم صورة حية لرجل غامض، على حد تعبير كندي.  

يشير الكتاب إلى وقوف عباس ضد إدراج العنف ضمن أدوات النضال التي تستخدمها منظمة التحرير الفلسطينية، واصفًا هذا الموقف بأنه فتح فرصًا سياسية جديدة للحركة. لكن عباس بعدما حدد موقفه في مرحلة مبكرة من حياته السياسية كان ميّالًا إلى الانكفاء عن السياسة الفلسطينية في منعطفات حرجة، بحسب كندي.  

بطولة مفتقدة
كان عباس مدافعًا عنيدًا عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير وبناء المؤسسات، التي اعتبرها عن صواب ممهدات ضرورية للدولة الفلسطينية. لكنه حاد في مرحلة متأخرة من حياته السياسية عن هذه المبادئ، واعتمد أساليب فردية ومناورات إدارية للبقاء في السلطة، بحسب مراجع الكتاب نواه كندي، قائلًا إنه يشعر بأن عباس رجل "رأسه في اللعبة، ولكن قلبه ليس فيها، أو على الأقل ليس فيها بصورة مستديمة، ويبدو عباس شديد الانغمار في تعقيدات البقاء على قمة الهرم الفلسطيني، بحيث لم يتمكن من صوغ رؤية شاملة لمستقبل شعبه".   

بحسب كندي في مراجعته للكتاب فإن عباس لا يرتقي إلى مستوى البطل الجريء الذي كان من الجائز أن يصله شخص في موقعه.  لكن من الجائز الاحتجاج بأنه إذا وُجد شخص كهذا فإن بطولته ستتبدد في غمرة المصائب التي حلت بالفلسطينيين. 

أقدم مؤلفا سيرة حياة عباس على هذا المشروع بخلفية متينة من حيث معرفتهما بالسياسة الإسرائيلية - الفلسطينية، واستخدما مواردهما وأبحاثهما استخدامًا جيدًا. والمعروف أن رملي باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ذات الاتجاه اليميني التي لها نشاط بحثي واسع في قضايا الشرق الأوسط، وتيبون مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية الليبرالية في واشنطن وموقع "واللا نيوز" الإخباري الإسرائيلي.  

فساد مالي
تعزز المصادر المتاحة للمؤلفين عملهما الذي تتخلله في الأماكن المناسبة مقتطفات من مقابلات مع لاعبين أميركيين وإسرائيليين وفلسطينيين كبار في الأحداث التي يغطيها الكتاب. 
وأعرب المؤلفان عن أسفهما لأن الرئيس عباس، موضوع كتابهما، رفض الموافقة على إجراء مقابلة معه لأغراض الكتاب.  

ولا شك في أن الكاتبين واجها مصاعب كبيرة مع الخيارات الأخرى التي تبتلي بها كل المحاولات الرامية إلى تأليف كتاب سياسي عن المنطقة. من هذه الخيارات تحديد إلى أي مدى يمكن الذهاب في شرح الخلفية، وما يُفترض أن القارئ يعرفه أصلًا.  

ليست هناك إجابات سهلة، وتبدو سيرة حياة عباس في بعض الأماكن كأنها تقرير إخباري، مع الكشف عن حدث على خلفية توضيحية. 
من الأمثلة على ذلك أن الكاتبين لا يشيران إلى الفساد المالي في عهد عباس إلا في منتصف الكتاب بعد وفاة الزعيم التاريخي ياسر عرفات، والتحدي الذي واجهته حركة فتح من حركة حماس في الانتخابات التشريعية.  

يقول كندي في مراجعته للكتاب إن القارئ يجب أن يطلع على لطخة الفساد التي لوّثت سمعة السلطة الفلسطينية ليفهم جاذبية حماس وفوزها في تلك الانتخابات. 
ولعل المؤلفين افترضا أن الفساد المالي معروف عمومًا، وقد يكون معروفًا بالفعل، ولكن يؤخذ على كاتبي سيرة عباس أنهما يمران على دينامية الفساد المؤسسي في السلطة الفلسطينية بشكل عرضي في سيرة محمود عباس.

الاستيطان والشارع
وتظهر الحركة الاستيطانية الإسرائيلية في السيرة، ثم تختفي، ويكون "الشارع" الفلسطيني حاضرًا في حسابات عباس، وكلاهما، الاستيطان والشارع الفلسطيني، قوتان أساسيتان لا يمكن أن يتجاهلهما سياسي أو كاتب يتناول سيرة قائد فلسطيني . لكن القارئ لا يجد مادة وافية عنهما في الكتاب.


يغطي الكتاب حياة مديدة حافلة في منعطف تاريخي معقد، ما زال يتسم بأهمية مركزية في السياسة العالمية. الخوض في عمل القوى السياسية المحركة داخليًا كان سيجعل الكتاب مشروعًا أكثر تعقيدًا، كلما توخى المرء الموضوعية في مقاربته لهذا الجانب.   

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلًا عن «واشنطن إنديبندنت ريفيو أوف بوكس». المادة الأصلية منشورة على الرابط:

 http://www.washingtonindependentreviewofbooks.com/bookreview/the-last-palestinian-the-rise-and-reign-of-mahmoud-abbas


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات