: آخر تحديث
​​​​​​​هاشتاك الناس

التحالفات بعد الانتخابات

2
1
2

أنت صوّتَّ لمرشّح "نظيف" على الورق، تتخيل أنه فارس الكرامة، حامي الحمى، ومنقذ الوطن. لكن المفاجأة بعد ما تُعلن النتائج، يبدأ عرضه في المزاد العلني الغامض، وأنت لا تدري، لا ترى، لا تسمع، ولا حتى تفهم كيف صار اسمك يُروَّج له وسط قاعة اجتماعات مظلمة كأنها سوق لبيع الخراف.

صوت المواطن ليس مجرد رقم في دفتر حسابات النواب، ولا رقم يُدرج على صفحة تويتر في تغريدة عن "الإنجازات والتحالفات". حين تتغير مواقف السياسي بين ليلة وضحاها، وأنت لا تدري، فهذا يعني أنه خان عهدك، وأنك صوّتَّ لحملة إعلانات ووعود فارغة، لا أكثر.

في نهاية المطاف، عندما يقول لك نائبك الجديد: "تحالفنا مع من كنت أصفهم بالفاسدين واللصوص، لكنه خيار سياسي"، تذكّر أن الصوت الذي سلّمته له كان ثمناً لهذه الخيانة، وهو ينتظر منك أن تكون صامتاً وتؤدي دورك كـ"مستمعٍ صامت".

هل تعلم أن معظم التحالفات الجديدة في البرلمانات تشبه إعلانات "تخفيضات نهاية الموسم"؟

"احصل على منصب وزاري مجاناً مع تحالف مع فلان الفاسد!".

"صفقة جديدة: الكرسي المميز مقابل تنازل عن المواقف!".

لا يفصل بين هذه العروض سوى مسرحية إعلامية، والمواطن هو "المشتري الذي لم يُستشر".

في آخر المشهد، المواطن الذي آمن بأنه بيده زمام التغيير، يُجبر على مشاهدة مسرحية تقمّص الأدوار حيث الجميع يتنازل عن قناعاته، والنتيجة "صوتك" لم يُنقل، بل تم بيعه! والكرامة التي حلمت بها أُقفلت في صندوق زجاجي، ووضعت في معرض "ذكريات انتخابية".

في هذا العالم السياسي، لا تنتظر أن تُحترم كرامتك، لأن الكرامة، مثل البضاعة الرديئة، تُطرح للبيع بأرخص الأسعار بعد الانتخابات. لكن لا تقلق، فالصمت هو جزء من الصفقة! فأنت صوّتَّ، لكن "هم" تحالفوا باسمك، ووسط ضحكة مكتومة على واقعنا السياسي المضحك المبكي.

هل توقعت أن يتحالف مرشّحك مع من كانوا يشتمونه علناً؟ يا عزيزي، هذه ليست تحالفات سياسية، هذه فصول من مسلسل تركي اسمه: "في حب الكرسي". في أحد المشاهد، ترى النائب واقفاً أمام الكاميرات يقول: "كنا نختلف، لكن اتضح أن لدينا قواسم مشتركة!" نعم، القواسم المشتركة هي الطمع في المنصب، والتفاهم على تقسيم الكعكة!

الصوت الذي منحتَه، ظننت أنه سيُستخدم لإصلاح القوانين. لا يا صديقي، هو الآن محفوظ في "ثلاجة التحالفات"، وسيُعاد استخدامه في تمرير موازنات مشبوهة، وصفقات فيها من العفن أكثر مما في ثلاجات وزارة الزراعة.

قبل الانتخابات، كانت تصريحاتهم مثل خطب يوم القيامة:

"لن نتحالف مع الفاسدين حتى لو بقي مقعدنا شاغراً!".

"خصومنا السياسيون خطر على البلاد والدين والدجاج!".

"لا نجتمع معهم إلا في كتب التاريخ كأمثلة على الفشل!".

وبعد الانتخابات؟

"نعم، تحالفنا… من أجل المصلحة الوطنية، ولمّ الشمل، والحفاظ على اللحمة السياسية (التي غالباً ما تنتهي مشوية!)".

بعض الأحزاب في العراق تغيّر شعاراتها بسرعة تثير الإعجاب… والريبة! لديهم ما يشبه "باك أب سياسي" جاهز لكل طارئ. قبل الانتخابات: "لن نتحالف مع حزب الخراب، حتى لو بقي في السياسة دم!" بعد النتائج: "من أجل مصلحة الوطن، نعلن شراكتنا المباركة مع إخواننا في حزب الخراب".

الحلقة الأخيرة دائماً زواج سياسي مفاجئ، لا حب فيه ولا مبادئ، فقط مصالح وصفقات مالية. ثم يولد من هذا الزواج تحالفات بأسماء فاخرة، وطفل مدلّل اسمه: "مستشار في الرئاسات الثلاث"، وظيفة غامضة، براتب محترم، لا أحد يعرف ما دوره… لكنه موجود دائماً، مثل الرطوبة في جدران الدولة.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.