: آخر تحديث

سبب يضاعف قلق النظام الإيراني وخوفه

3
3
2

يواجه النظام الإيراني وضعاً صعباً وبالغ التعقيد على أكثر من صعيد، لكن يبدو واضحاً أن تفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات الدولية هو التهديد الأخطر على النظام حالياً، ولاسيما في ظل تعمق الصراع والانقسام في قمة هرم السلطة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع هذا التهديد.

البرنامج النووي للنظام الإيراني، والذي التهم لحد الآن تريليوني دولار وكان واحداً من الأسباب الرئيسية للتأثير السلبي على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في إيران، كما إنه كان أيضاً عاملاً مهماً في العزلة الدولية الخانقة التي يعاني منها النظام، وصل بعد حرب الأيام الـ12 إلى ما يمكن وصفه بمنعطف لا يمكن عبوره بغير حسم موضوع هذا البرنامج. لكن ومن خلال الرهان الكبير للنظام على هذا البرنامج وتأثيراته والاحتمالات السلبية القائمة من تداعياته في حال الخضوع للمطالب الدولية، فإن النظام يدور في دوامة من الخوف والقلق والحيرة، ذلك إنه لم يعد هناك من مجال للمراوغة والمماطلة والتسويف واستخدام العامل الزمني الذي بات كسيف ديموقليس مسلطاً على رأس النظام.

الاعتراف الصادم للرئيس السابق حسن روحاني بأن معارضة المتشددين لإحياء الاتفاق النووي في عام 2021 كلفت إيران خسارة تقدر بـ500 مليار دولار، والذي تم نشره في وقت يعتبر الأكثر حرجاً من نوعه حيث يواجه فيه النظام خطر إعادة فرض العقوبات الأممية (آلية الزناد)، لا يمثل مجرد حسابات اقتصادية فقط، بل هو علامة واضحة على تصاعد المواجهات داخل بنية السلطة الهشة، حيث أصبحت معركة البقاء تخاض بشكل متزايد تحت أضواء الإعلام.

والذي يضاعف من خطورة هذا الاعتراف الحساس لروحاني، والذي صرح به لصحيفة "آسيا نيوز" الحكومية في 4 أيلول (سبتمبر) 2025، أنه أكد أن الاتفاقيات كانت جاهزة للتنفيذ خلال فترة رئاسة بايدن، وأن تطبيقها كان من الممكن أن يمنع نشوب "صراع الـ12 يوماً" ويجنب البلاد خطر "آلية الزناد". ويأتي هذا الاعتراف بعد سنوات كان فيها روحاني، بصفته رئيساً، يدافع بقوة عن الاتفاق النووي ويحذر من تكاليف التخلي عنه. أما اليوم، فهو يلقي باللوم صراحة على "المتشددين الواهمين" في التسبب بهذه الكارثة؛ وهي نفس الفصائل التي سلكت، بموافقة خامنئي، طريق المغامرة النووية.

حالة الخوف والقلق على مستقبل النظام هي التي تضاعف من حدة الصراع في قمة هرم النظام، لأنهم يعرفون جيداً أن مستجدات ومآلات البرنامج النووي على الواقع الإيراني لن تمر برداً وسلاماً، ولاسيما أن أكثر ما قد عانى الشعب الإيراني من أوضاع معيشية صعبة وحتى حصار ومواجهة عسكرية، إنما كان بسبب هذا البرنامج. وإن النظام قد وصل إلى المنعطف الأخطر في تعامله الدولي بخصوص برنامجه النووي والذي كما أشرنا إليه آنفاً لا يمكن للنظام عبوره إلا بحسمه. وإن النظام سواء أن رضي بالحسم وفق المطالب الدولية أو ركب رأسه وأصر على موقفه، فإنه يواجه مستقبلاً مجهولاً ليس من جانب المجتمع الدولي وإنما من جانب الشعب الإيراني ذاته.

موقف المقاومة الإيرانية
من الجدير بالذكر أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبأغلبية ساحقة، طالب يوم الجمعة 19 أيلول (سبتمبر) بإعادة تنفيذ العقوبات الدولية ضد النظام الإيراني. وكانت هذه العقوبات قد عُلقت قبل 10 سنوات بموجب الاتفاق النووي المعروف باسم "برجام"، وقد تم رفض قرار كان يدعو إلى استمرار هذا التعليق، بتسعة أصوات سلبية.

وبهذا، فقد أصبح النظام الإيراني مرة أخرى خاضعاً للمادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وسيتم تفعيل قرارات مجلس الأمن الستة بشأن العقوبات ضد النظام ابتداءً من يوم 28 أيلول (سبتمبر) 2025.

وقبل التصويت على مشروع القرار، كتبت السيدة مريم رجوي في موقف حاسم على حسابها في "إكس" بتاريخ 18 أيلول (سبتمبر): "بشأن تصويت يوم الجمعة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتفعيل قرارات العقوبات الدولية ضد النظام الإيراني، نؤكد مجدداً أن هذا الإجراء جاء متأخراً لكنه ملحّ وضروري للغاية. لقد ثبت أن نظام الملالي لن يتخلى عن مشروعه النووي، وليس أمام أوروبا مفر سوى خيار «آلية الزناد». يعرف العالم أنه لولا سلسلة من 133 كشفاً للمقاومة الإيرانية على مدى 34 عاماً، وخاصة كشف المنشآت النووية السرية في نطنز وأراك في آب (أغسطس) 2002، لكانت الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران قد تسلحت الآن بالقنبلة النووية، ولوضعت العالم أمام أمر واقع."

إضافة إلى ذلك، يستعد الإيرانيون من أنصار المقاومة الإيرانية لمظاهرة في يوم 23 أيلول (سبتمبر) بالتزامن مع حضور رئيس النظام مسعود بزشكيان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليوصلوا احتجاجهم الشديد على سياسات النظام الإيراني الطموحة، وخاصة مشروعه النووي وتصاعد القمع والإعدامات المتزايدة، إلى مسامع العالم.

إن الشعب الإيراني يطالب بدولة غير نووية وديمقراطية، وهو الأمر الذي تم تدوينه ووضعه في متناول الجميع ضمن قرارات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وخطة السيدة مريم رجوي ذات النقاط العشر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.