: آخر تحديث

«تكريم».. ولقاء «ريكاردو» في القاهرة

3
3
3

سبق أن كتبت مرتين عن الإعلامي اللبناني «ريكاردو كرم»، تعلق موضوع آخرهما بلقائه سيدة لبنانية فقدت اثنين من ابنائها وزوجها، وأصيبت هي وابنتها بجروح خطيرة، خلال العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، وتم اللقاء بناء على طلبها، فكتب تغريدة عن لقائه الحزين معها، دفعتني للتبرع لها، وقام بعض القراء الكرام بمشاركتي في ذلك التبرع.

التقيت بريكاردو بعدها في بيروت على عشاء مصغر، فدعاني لحضور حفل «منظمة تكريم» السنوي الذي سيقام هذه السنة في القاهرة، وكانت تلك أول مرة أسمع فيها باسمها، رغم أن المشرفين عليها سبق أن أقاموا آخر حفلاتها السنوية في الكويت.

«ريكاردو كرم» إعلامي ومنتج وكاتب لبناني بارز، اشتهر ببرامجه الحوارية مع شخصيات عالمية، فقام قبل 15 عاما، بتأسيس منظمة أو «وقفية تكريم»، التي أصبحت مع الوقت أحد أهم منجزاته، بهدف إبراز التميّز العربي. لذا قام بدعوة مجموعة من السيدات والسادة، من المبرزين في عدة حقول، فنية واجتماعية وثقافية، ومالية في الغالب، للتعاون معه في تأسيس ودعم «تكريم»، بهدف تقديم مجموعة من الجوائز التقديرية لعدد من المتميزين في ميادين محددة، مثل القيادة، التعليم، الأعمال، العمل الإنساني، الإبداع الثقافي والعلمي، بغرض تمكين الشباب والمرأة، من خلال حفل لا يقل بهجة وبهرجة، وشروطاً ومتطلبات، عن حفلات توزيع الجوائز العالمية، مثل السعفة الذهبية وإيمي والأوسكار، وإن بزخم أقل، وهي نواة لمشروع ونجاح مستقبلي أكبر، فطموحات ريكاردو عالية ومشروعة، والفريق الذي يقف معه، من مجلس إدارة ومجلس الأوصياء، يتميزون بقدرات كبيرة.

تهدف «تكريم» لتسليط الضوء على الروّاد والمبدعين، وتقديمهم كنماذج ملهمة بعيداً عن الصورة النمطية السلبية المرتبطة بالمنطقة في الإعلام العالمي. وقد رأيت، في حفل التكريم الأخير الذي أقيم في قصر عابدين التاريخي، نماذج رائعة من هؤلاء، الذين يستحقون أن نفخر بهم، ولم يكن اختيارهم بالعملية السهلة، فلا شك أن مجلس الأوصياء قام بعملية short Listing مضنية لاختيار من يستحقون الفوز بجائزة تكريم المرموقة، من خلال حفلات تتسم برقي وترتيب فائقين، وسبق أن أقيمت في عواصم ومدن مختلفة منها بيروت، الدوحة، المنامة، القاهرة، باريس، مراكش، دبي، الكويت، وثانية القاهرة، بحضور نخبة جميلة من الشخصيات.

يميل البعض لتشبيه جوائز «تكريم» بجوائز نوبل أو جوائز منظمة الملك فيصل، لكنها بالفعل تختلف عنها في بضعة أوجه، وسيكون لـ«تكريم» اسم وانتشار إعلامي أكبر، مع الوقت، فنحن بحاجة بالفعل لخلق منصة دائمة للاحتفاء بالإنجاز العربي، وإن كانت مختلفة عن غيرها في الحجم، التمويل، وآليات الاختيار.

نجاح «تكريم» الشرق الأوسط، دفع ريكاردو لتأسيس مبادرات مكمِّلة، مثل «تكريم أمريكا» TAKREEM AMERICA بغرض ربط العرب الأمريكيين بجذورهم.

كون «تكريم» منظمة غير ربحية، ورفضها الاسفاف في عملها، وأن تؤديه بأعلى درجات الاحترافية، فإنها تقوم بالتركيز على إعطاء جوائزها زخما معنويا وإعلاميا كبيرا، يفوق ما تدفعه الجهات الأخرى من حوافز مالية.

كان حفلها الأخير في مصر في غاية الروعة والترتيب الدقيق، وهي مهمة ليست سهلة في عالم يتسم بفردية غريبة، تدفعه لكره الالتزام بالوقت أو اتباع الترتيبات، ومع هذا نجح المنظمون في تنظيم حفل حضره المئات من مختلف دول العالم، شكل ما يشبه المعجزة في مدينة كالقاهرة، أن خرج الجميع منه دون تجارب مؤلمة.

كان اختيار القاهرة والأماكن التي أقيمت فيها فعاليات «تكريم»، موفقا، حيث سار كل شيء بسلاسة، لم أتوقعها، وقضيت وزوجتي، بضعة أيام جميلة، تخللتها حوارات ثقافية، وتكوين صداقات، وكانت رسالة واضحة بأن بالإمكان عمل الكثير والجميل متى ما صدقت النوايا، فهناك إرادات وقلوب قادرة على بناء مستقبل أفضل.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد