ليست كل الحركات التي ترفع شعار المقاومة تسعى إلى الحرية، فبعضها يجعل من الموت عقيدة ومن الوهم بضاعة رائجة. من يتأمل خطاب حركة حماس الإرهابية يكتشف سريعًا أنه ليس مشروع حياة أو مقاومة بقدر ما هو مشروع موت منظم، مع تحويل الدم إلى عملة سياسية، والانتحار إلى هوية جمعية. الجميع يعلم ان حركة حماس الإرهابية قامت على معادلة هزيلة لكنها قاتلة "إن قتلت فأنت بطل، وإن قُتلت فأنت شهيد في الجنة"، وبالتاي لا يُترك للإنسان الطبيعي أن يختار حياته أو كرامته أو مستقبله، بل يُقذف مباشرة في حفلة دموية صممتها القيادة المختلة عقليا واخلاقيا. فالبطل عندهم ليس من يبني أو يحمي أو يزرع، بل من يفجّر نفسه في الناس لأنه بكل بساطة ذاهب للجنة مباشرة، والشهيد عندهم ليس ضحية ظلم، بل وقود دعاية، عنوان في نشرة الأخبار، وصورة تُرفع في المسيرات قبل أن يدفنه التراب.
لكن مأساة هذا الخطاب الظلامي والمتخلف أن الموت ليس احتمالًا، بل "فرض عين" ، على الأتباع أن يقتلوا أو يُقتلوا، وفي الحالتين يصبحون جزءًا من ماكينة تُديرها حركة حماس الإرهابية بكل برود أيديولوجي. في عقيدة حركة حماس الارهابية لا يهم إن بكَت أمٌ على ولدها أو تيتم طفلٌ صغير، فكل مأساة تتحول إلى إعلان دعائي جديد، فالأم لا تُترك لتحزن، بل تُجبر أن تقف كبطلة أمام الكاميرات صائحةً أن أبناءها مشاريع شهداء. والأرملة تُحوَّل إلى رمز للتقوى والاحتمال، وتُقال لها كلمات محفوظة: "سيهتم بكي من هو أتقى وأصلح"، أما الأطفال فمصيرهم مُحدد سلفًا؛ إنهم "أشبال الدعوة"، وخطوتهم التالية ليست المدرسة بل الطريق نحو موت آخر. حركة حماس الإرهابية في عقيدتها، إنها مصانع موت تُنتج الموتى وتُهيئ الأحياء ليكونوا بدلاء جاهزين.
لكن الكارثة لا تقف عند هذه الثقافة الانتحارية، بل تتضاعف مع تناقض صارخ وفج، حيث ان قادة حماس الذين يتغنون بالموت ويطالبون أتباعهم أن يضحوا بأنفسهم، لا يقدمون أولادهم وأهاليهم للذبح ذاته. عائلات قيادات حماس الارهابية تهرّب متسللة وفي خفية إلى العواصم الإقليمية والدولية، حيث التعليم الغربي الفاخر، البيوت الآمنة، البحار الزرقاء، والرفاهية المحصنة. الغريب ان نساء قادة حماس لم يقدمن للـ "الأتقى والأصلح" كباقي نساء الاتباع، وأبناؤهم لم يُدفنوا في الأنفاق حيث يُدفن أبناء الفقراء. هذه الصورة تكشف الحقيقة العارية "الموت فريضة على أبناء البسطاء، بينما الحياة الباذخة حق محفوظ لأبناء الصف الأول."
ومع كل هذا، لا تكتفي حماس بإغراق قطاع غزة في هذه الدائرة الجهنمية، بل تريد تصدير ثقافة الموت إلى كامل العالم العربي. حيث تطالب ابواق وقيادات حماس الارهابية الحكومات والجيوش العربية بالدخول في حرب شاملة مع دولة إسرائيل وكأنها تمنح العرب صكوكًا مجانية إلى الجنة بالنيابة عن الله. حركة حماس الإرهابية كباقي الحركات اليمينة الدينية المتطرفة تقدم نفسها بوصفها الوكيل الحصري للجنة، وتوزع وعود الخلود كما كان الكهنة في القرون الوسطى يبيعون صكوك الغفران. أي وقاحة أكبر من هذا؟ من منح حماس الارهابية سلطة أن تتاجر بالجنة وكأنها عقار مسجل باسمها؟ ومن فوضها أن تقرر أن دم المواطن العربي هو الثمن الطبيعي الرخيص لأوهامها؟
عند هذه النقطة يجب أن نتوقف وننزع ورقة التوت، حركة حماس ارهابية، ولديها استثمار وحيد في تجارة الموت الذي تبعيه للمعتوهين والمغيبين عن الوعي. كلما زاد عدد الجثث ارتفع رصيد حركة حماس الإرهابية، فالنصر عندهم ليس جلب السلام والاستقرار وحياة مستقرة، بل ارتفاع أرقام الضحايا من الموتى والدمار ذلك السعار الذي يهيجهم ويمتعهم كلما حصل، والبطولة ليست مواجهة عسكرية متكافئة، بل استعراض دموي ينتهي ببيت مهدوم وجثة جديدة يُرفع اسمها في ملصق. هذا منطق مقلوب يهين معنى قدسية الحياة الانسانية الحقيقية ويُحوّلها إلى سيرك دموي يملكه قادة يزدادون ثراء وسلطة كلما زادت المآسي.
وإذا كان قادة حركة حماس الإرهابية قد احترفوا صناعة الوهم، فإن هذه المهزلة لا تكتمل إلا بأبواق تروّج لها وتمنحها غطاءً إعلاميًا. هنا يظهر دور الكتّاب والمذيعين العرب الذين باعوا أقلامهم وصوتهم لتسويق الموت، يطبّلون لهذه المسرحية المخزية. هؤلاء شركاء مباشرين في الجريمة. إنهم يبيعون الوهم للجماهير ويغطون الحقيقة القذرة الحاصلة بغبار من الشعارات الرنانة. يقولون اذهبوا "إلى الجنة" وكأنهم أمناء سجل عقاري لمفاتيح الفردوس. فهل وقّعت حماس عقد امتياز مع السماء؟ هل مفتاح الجنة محفوظ في مقر كتائب القسام؟ إنها مهزلة كبرى أن تتحول الكذبة إلى عقيدة، وأن يُساق الأتباع إلى الموت بينما قادتهم يرفلون في نعيم الأمن والاستثمار.
لهذا يجب أن يكون الرد بلا أي تردد، إذا كانت حماس مهووسة بالموت، فليذهب قادتها إليه أولًا. ليصطف أبناؤهم في الصفوف الأمامية، ليدخلوا الأنفاق ويُدفنوا تحت الركام مثلما يُدفن أبناء الفقراء كل يوم. إن كانوا صادقين في عشق الموت فليذوقوه قبل غيرهم. أما أن يبقى أبناء القادة في الثريّات المكيّفة ويتحول باقي الشعب إلى وقود للمحرقة، فهذا ليس شجاعة بل خيانة جبانة، وليس فداء بل استغلال مقزز.
وهنا لا بد من كلمة فاصلة تُعرّي الحقيقة بلا رتوش، حماس حركة متطرفة لديها نزعة موت مريضة تتخفى بشعارات دينية ووطنية. والمطلوب اليوم أن تُفضَح على حقيقتها، حماس لا تقاتل من أجل الحرية، بل من أجل سلطة مبنية على الجثث، وهي لا تحرر شعبًا، بل تستنزفه حتى آخر قطرة دم. والواجب أن يُقال لها اذهبي مع أتباعك إلى الموت إن أردتِ، لكن لا تجرّي معك الأبرياء، ولا تحشدي الشعوب خلف وهم الجنة المضمونة. فالأمة تستحق الحياة، بينما حركة حماس الإرهابية وقياداتها لا تستحق إلا أن تُترك وحدها تعتنق موتها المفضّل.