بعيداً عن المواقف السياسية الدولية والإقليمية بخصوص المواجهة الإسرائيلية ـ الإيرانية، وكذلك عن التحليلات السياسية التي تسعى من أجل إظهار حياديتها بمنح شيء من الحق والموضوعية لطرف يفتقدهما أساساً، فإن السؤال الأهم الذي يجب طرحه هو: هل إن إسرائيل محقة في شنها الهجوم الذي بدأته صباح يوم 13 من حزيران (يونيو) 2025، على إيران؟
من غزة وبيروت وبغداد وصنعاء إلى طهران، ليست بذلك الطريق السالك لإسرائيل، بل إنه طريق محفوف بالمخاطر، ولكن عندما تجد إسرائيل نفسها مهددة وجودياً، وإن هذا التهديد يتزايد بل وحتى يتعاظم مع مرور الأيام، ولا سيما عندما ترى بأن مصدر التهديد يحرص على ضرب أي مسعى سياسي من أجل جعلها أمراً واقعاً في المنطقة، فإن الدولة العبرية لا تجد مناصاً من أن تخوض مواجهة يمكن وصفها بمواجهة البقاء أو العدم!
إيران التي كانت قبل مجيء النظام الحالي تبعد كثيراً عن إسرائيل، لكنها ومنذ عام 1982 وما بعدها صارت في منزلة الجار بالنسبة لها، جار ليس من طرف واحد إنما من أكثر من طرف، بحيث يمكن القول إن إيران الخمينية قد وضعت إسرائيل أمام حدود طويلة متاخمة لها، ناهيك عن عمق بنفس الشكل والمضمون، والملفت للنظر أن الحكم الإيراني ووكلاءه ووفق القاعدة القانونية "الوكيل كالأصيل"، كانوا يملأون الدنيا هتافاً أقرب إلى الصراخ بشعارات تركز على فناء الدولة العبرية وزوالها، فهل هناك من يرى الموت والفناء قادمين إليه ولا يتحرك من أجل حماية نفسه والذود عنها؟
الخميني، الذي يرقد الآن في ضريح كلف المليارات من الدولارات، هو من قام بالتأسيس لما يحدث ويجري اليوم في المنطقة، وهو المسؤول الأساسي عن المواجهة الضارية الحالية بين إسرائيل وإيران، بل إن خميني مسؤول أيضاً عن الدمار الذي لحق بلبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة ذاتها، وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه المقالة، تلقيت أكثر من مكالمة من أصدقاء إيرانيين تتحدث عن قوافل السيارات التي تعج بها الطرق الرئيسية من طهران إلى مدن أخرى هرباً من عاصمة غير آمنة ولا تمتلك ملاجئ حضارية تحمي سكانها من قصف صاروخي إسرائيلي محتمل، والأنكى من ذلك أن مهدي جمران، رئيس مجلس بلدية طهران، قد اعترف بصريح العبارة أن "طهران وسائر مدن البلاد تفتقر إلى الملاجئ الآمنة والفعالة"، فمن المسؤول عن ذلك غير الخميني ومن بعده خليفته والنظام المؤتمِر بأمره؟
هذا ما جناه الخميني على إيران، وإيران لم تكن لتجني على أحد لولا سحابة ولاية الفقيه السوداء التي أطلت عليها قبل 47 عاماً من الآن، ومهما قيل عن إسرائيل فإنها لم تكن في مواجهتها مع إيران من قد بدأت بذلك، بل والكل يعلم بأن إيران الخميني من بدأت، والبادئ دائماً هو الأظلم ويجب أن يدفع الثمن، والثمن الذي يستحقه هذا النظام هو أن يذهب إلى حيث ذهب سلفه وأن ينعم الشعب الإيراني بنظام سياسي يجعل الشعب الإيراني يشعر بالأمن والطمأنينة والرخاء.