: آخر تحديث
طريقي

جوزف عون .. تحية للقائد

11
8
7

باختصار شديد، التصويب السياسي على موقع رئاسة الجمهورية متوقع، وربما تأخر قليلاً. عادت الدولة وهيبتها، ومن الطبيعي أن تشحذ "دويلات الطوائف بإعلام" كل أدواتها الميليشياوية دفاعاً عن عقود من المكتسبات على حساب الدولة.. الوطن.

في لبنان، كما في كل أصقاع المعمورة، "الكمال السياسي" مستحيل. وفي وطن المستحيلات يمضي الرئيس جوزف عون بصلابة لإحياء "المنطق السياسي"، وهو بوابة عبور إلزامية للخروج من دويلات الطوائف بإعلام نحو الوطن الجامع.

التقيت الرئيس عون في ربيع العام الماضي حين كان قائداً للجيش في مكتبه بوزارة الدفاع. لمست فيه أصالة ابن الضيعة في تصرفاته، وبصلابة الموقف حين يتعلق الأمر بمؤسسة شعارها الشرف، التضحية والوفاء. لم ينزل الجنرال عون على قصر بعبدا بـ"باراشوت" البازار السياسي، إنما وصل، أولاً، على بساط الحاجة، حاجة اللبنانيين، كل اللبنانيين، لمن يضيء ظلام الواقع. وثانياً، بدعم عربي ودولي في مقدمته دعم المملكة العربية السعودية التي أبت أن تبقى على الحياد بينما شعب بعراقة الشعب اللبناني يعاني الأمرين: مر طوفان المتغيرات الإقليمية والدولية، ومر أمراء حرب التجويع. فهل حقاً نسي اللبنانيون كيف كانوا سواسية تحت سقف الذل في عهد المافيا السياسية والاقتصادية؟!

اليوم، جوزف عون رئيس العهد الجديد يتعرض لسيل من الانتقادات على خلفية تعيين الوزير السابق علي حمية مستشاراً لشؤون الإعمار في رئاسة الجمهورية. يطالب البعض بنزع سلاح حزب الله، وهي قضية وطنية محقة. ودخوله المعترك السياسي اللبناني، ومن ثم يأخذون على الرئاسة بأن الوزير حمية من بيئة الثنائي الشيعي! وهنا لا بد، باختصار شديد، من تسجيل عدة حقائق لا مجرد ملاحظات:

  • وصل الرئيس جوزف عون إلى قصر بعبدا على أنقاض دولة، ومجاميع شعبية متشعبة الولاءات، وأظهر العهد الجديد عزماً وإصراراً على الإصلاح، لكنه بالتأكيد لا يملك عصا سحرية لإصلاح عقود من الخراب في بضعة أشهر وربما سنوات. وبدأ بترميم المؤسسات وتحديداً القضائية والمصرفية منها. وأصر على إجراء الانتخابات البلدية رغم ضغوط التأجيل كي يعطي الشعب منصة للتعبير عن رأيه.

  • في عهد الرئيس عون، نُسفت تركيبة المحاصصة في توزيع الوظائف العامة وأعيد الاعتبار لمجلس الخدمة المدنية، وهو الأمر الذي أغضب البعض ودفعه للمشاركة في حملة النقد.

  • عاش لبنان فترة من الانعزال وربما "العزل" العربي والإقليمي والدولي، وأعاد سيد بعبدا خلال فترة وجيزة لبنان إلى خارطة الوجود والتأثير إقليمياً ودولياً. رئيس واحد للبنان وحكومة واحدة. وطريق أمراء "الطوائف بإعلام" نحو الخارج لم تعد معبدة بالغنائم. ثم وثم كاريزما "القائد" وهمته ونشاطه، كل ذلك قد يشرع أبواب الغيرة السياسية من شركاء حكم العهد الجديد.
    تلك الحقائق تترجم العزم على إعادة بناء الدولة الجامعة لكل مكونات المجتمع اللبناني، ومن هنا يأتي تعيين الوزير علي حمية. هل المطلوب استيراد مستشارين من بلاد الواق واق لإعادة إعمار الجنوب؟

بالمطلق، كاتب هذه السطور ضد الأحزاب العقائدية أياً كانت، وفي طليعتها حزب الله، ومع حصر السلاح بيد الدولة فقط، الدولة. القرار اتخذ ولا رجعة عنه، هكذا يعبر الرئيس عون في أكثر من مناسبة. لكن خراب عقود من حكم "دويلات الطوائف بإعلام" لا ترممه بضعة أشهر من العمل. طريق بسط سلطة الدولة لا يمر عبر التمييع أو.. الإقصاء. ولماذا لا يُنظر إلى التعيين السياسي للوزير علي حمية على أنه بداية لتشريع العمل السياسي لبيئة نمت وترعرعت على ارتداء اللباس الأخضر؟

القوى الحزبية السياسية في لبنان بحاجة الآن، وأكثر من أي وقت مضى، إلى مراجعة أولوياتها، ومحاكاة متغيرات الطوفان السياسي الذي يعصف بالمنطقة. شعارات الماضي جرفها الطوفان. ظهرت حقيقة أكذوبة الإلغاء. والشعب يريد الخروج من تبعية صندوق الإعاشة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.