: آخر تحديث

إنقلاب "نووي" بين ترامب إسرائيل؟

10
9
8

قبل أسابيع عديدة، كانت المؤشرات في منطقة الشرق الاوسط تنحو بإتجاه تصعيد عسكري بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مع الإتهامات التي وجهت للأخيرة بخصوص سعيها بل وإقترابها من تصنيع قنبلة نووية.

لكن الأسابيع المتتالية، وتزامنا مع الجهود التي يقودها المبعوث الخاص للرئيس الاميركي، دونالد ترامب، والاجتماعات المتلاحقة مع مسؤولين إيرانيين كشفت عن تقدم كبير إلى حد ما في إمكانية التوصل إلى إتفاق نووي جديد بين طهران وواشنطن.

تقدم المفاوضات تزامنت مع طلب الرئيس الاميركي من رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو الإمتناع عن فكرة توجيه ضربة عسكرية إلى إيران أقله في الوقت الراهن، فحسابات البيت الابيض تقوم على إعتبار ان اي تحرك عسكري إسرائيلي سيمثل تهديدا جديّا للمفاوضات التي يقودها ستيفن ويتكوف، حتى لو كانت المبادرة الإسرائيلية فرديّة.

ومنذ شهر نيسان (أبريل) الفائت، وتحديدا بعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى البيت الابيض، أصبح واضحا ان هناك تباينا لم يعد خافيا في العلاقات بين تل ابيب وواشنطن، وظهر جليّا في كيفية مقاربة الملف الايراني، وأيضا في التعاطي مع جماعة الحوثيين في اليمن، وتوّضح بشكل أكبر مع زيارة ترامب إلى الخليج ولقائه بالرئيس السوري الإنتقالي، أحمد الشرع، وإعلانه رفع العقوبات عن سوريا بعكس الرغبة الاسرائيلية.

داخليّا وبالتوازي، شهد مجلس الأمن القومي عاصفة من التشكيلات الادارية والإقالات، ابرزها كان في نقل مستشار الأمن القومي، مايك والتز إلى البعثة الاميركية في الأمم المتحدة بمنصب سفير، وأعفي كل من إريك تراغر مسؤول  ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي، وميراف سيرين من منصبيهما.

ورغم ارتباط اسم والتز بفضيحة اضافة صحفي على مجموعة لكبار موظفي الادارة على تطبيق سيغنال للتواصل بخصوص الضربات التي نفذتها واشنطن ضد الحوثيين، غير ان اشاعات اشارت الى ان سبب نقله الاساسي يتعلق بتنسيقه مع اسرائيل وتبنيه لوجهة نظر الاخيرة حيال كيفية التعاطي مع إيران، وعلى خطى والتز جرى التخلص من تراغر وسيرين اللذان عيّنهما مستشار الأمن القومي السابق ضمن فريقه، وواجهت ميراف سيرين إتهامات بإزدواجية الولاء على خلفية إتهامها بالعمل سابقا في وزارة الدفاع الاسرائيلية، غير ان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز، خرج مدافعا سيرين آنذاك ونفى هذه الاتهامات، واصفًا إياها بأنها "أمريكية وطنية عملت في حكومة الولايات المتحدة لسنوات، بما في ذلك مع الرئيس ترامب، والسيناتور تيد كروز، وعضو الكونغرس جيمس كومر" وأضاف "نحن سعداء للغاية بانضمام خبرتها إلى مجلس الأمن القومي، حيث تُنفذ أجندة الرئيس بشأن مجموعة من قضايا الشرق الأوسط". وقال إنها "لم تعمل قط في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ناهيك عن كونها مسؤولة إسرائيلية".

الرئيس الاميركي، دونالد ترامب قد نفسه على انه أعظم صديق لإسرائيل من خلال موقعه في البيت الابيض، وانه قدم لتل ابيب ما لم يقدمه أي رئيس اميركي سابقا كإعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل، وسيادة الاخيرة على مرتفعات الجولان.

ولطالما إشتهر ترامب بكونه رئيسا لا يمكن توقع ما سيصدر عنه او ما سيقوم به، ولذلك لا يمكن التنبؤ بمصير هذا الخلاف الحالي، ولعلّ الجميع يتذكر ترامب ومواقفه حيال اسرائيل منذ السابع من كانون الأول (ديسمبر) 2017 عندما إعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع تجاهل كامل لنظرته للامور قبل 21 آذار (مارس) 2016 اي اليوم الذي خاطب فيه الحاضرين في المؤتمر الذي نظمته لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصار بإسم (ايباك)، حيث أعلن انه سيكون صديقا عظيما لتل ابيب.

وللمفارقة فإن وزير خارجيته الحالي، ومنافسه على نيل ترشيح الحزب الجمهوري نحو البيت الابيض عام 2016، ماركو روبيو خاضت حملته الإنتخابية هجوما شرسا ضد ترامب في اذار من ذلك العام بعنوان إسرائيل، حيث إعتبرته بأنه ليس حليفا لتل ابيب.

وصوّبت حملة روبيو هجومها من زاوية إعلان ترامب أكثر من مرة رغبته في ان يكون محايدا بين اسرائيل والفلسطينيين، على اعتبار ان الحياد سيرفع من مصداقيته لدى الطرفين رافضا تحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية عدم التوصل الى اتفاقية سلام، وان ترامب لم يعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل وهذا ما اثار غضب الائتلاف اليهودي الجمهوري حيث استُقبل بصيحات استهجان شديدة.

وسط المواقف الحالية، والأحداث السابقة ، تخرج أسئلة إلى العلن تتعلق بمستقبل العلاقة بين واشنطن وتل ابيب بعد هذه الإنقلابات؟ وإلى أي حد يمكن للجفاء ان يأخذ مداه بظل التباين الذي قد يصل إلى مرحلة الشرخ مع إنعدام الكيمياء على ما يبدو بين ترامب ونتانياهو. أم ان القاعدة الشعبية الصلبة لترامب ونعني بها الإنجليين سيساهمون في تصويب الامور وترطيب الاجواء وسيكرر التاريخ نفسه مع الرئيس الاميركي تماما كما حدث قبل وبعد مؤتمر الايباك في 2016.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.