يحتفظ المدرب البولندي - الفرنسي هنري كاسبرجاك بذكريات طيبة عن تجربته مع المنتخب التونسي لكرة القدم، ويستعد لقيادته للمرة الثانية في كأس الامم الافريقية التي تنطلق في الغابون السبت.
وستكون امام المدرب المخضرم (70 عاما)، فرصة للتألق مجددا مع "نسور قرطاج" في الكأس التي تستمر حتى الخامس من شباط/فبراير، بعد تجربة أولى مع تونس في كأس عام 1996، بلغ فيها المنتخب العربي النهائي، ليخسر أمام جنوب افريقيا المضيفة.
وعلى رغم ان تونس تحتل المركز الرابع بين المنتخبات الافريقية في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الا ان المنتخب يواجه مهمة غير سهلة في المجموعة الثانية، مع الجزائر والسنغال وزيمبابوي.
ويخوض المنتخب التونسي مباراته الاولى ضد السنغال الاحد.
وحدد كاسبرجاك قبيل انطلاق البطولة بنسختها الحادية والثلاثين، هدفا أساسيا هو بلوغ الدور ربع النهائي، محاذرا تقديم وعود كبرى، لاسيما محاولة احراز اللقب الافريقي الثاني في تاريخ تونس بعد 2004.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس خلال مرحلة التحضير لكأس الامم الافريقية في الغابون، اشار كاسبرجاك الى ان بلوغ النهائي مع تونس في 1996، لا يزال من أفضل ذكرياته الرياضية.
وقال بعد حصة تدريب في قمّرت شمال العاصمة، مستحضرا تجربته السابقة مع المنتخب التونسي "خلال اربع سنوات (1994-1998) لم أعرف إلا النجاحات (...) لقد كانت فترة لا تنسى".
فاضافة الى بلوغه نهائي البطولة القارية عام 1996، تأهلت تونس بقيادة كاسبرجاك الى كأس العالم 1998 في فرنسا، وذلك للمرة الثانية في تاريخها بعد 1978.
-"لا تبحث بعيدا"-
في عام 1979، بدأت مسيرة كاسبرجاك كمدرب، في ظروف غير متوقعة. فبعد عام من بلوغه نصف نهائي كأس العالم مع المنتخب البولندي، كان كاسبرجاك مدافعا في صفوف نادي متز الفرنسي.
الا ان مدرب النادي حينها جون سنيلا مرض ثم توفي. وعندما قام رئيس النادي إيمي دومارتان باستشارة مساعد مدرب المنتخب الفرنسي عمن يجدر به خلافة سنيلا، اقترح عليه كاسبرجاك (33 عاما حينها).
ويروى الاخير ان مساعد المدرب قال لدومارتان "+لا تبحث بعيدا جدا، يوجد هنا لاعب يمكن أن يصبح مدربا+ وأعطاه اسمي".
يضيف كاسبرجاك انه استشار زوجته في حينه، وان الاخيرة نصحته بخوض الاختبار، قائلة "تعمل هنا لستة اشهر ثم نعود الى بولندا".
الا ان الاشهر الستة امتدت 13 موسما، تنقل خلالها كاسبرجاك بين اندية ميتز (1979-1984)، وسانت إتيان (1984-1987)، وستراسبورغ (1987-1988) وماترا راسينغ (1989-1990) ومونبيلييه (1990-1992) وليل (1992-1993).
أحرز كاسبارجاك كأس فرنسا مع ميتز سنة 1984. وبعد مشاركة مشرفة مع مونبيلييه في كأس أوروبا، اضطر بسبب خلافات مع أحد مديري النادي للانتقال الى ليل، حيث لم يحالفه الحظ، فأقيل ودرب بعدها نادي باستيا الفرنسي في موسم 1998-1999.
-"فلسفة"-
وعن الفارق بين تدريب الاندية والمنتخبات الوطنية، يقول كاسبرجال "في النادي، ولدى وصولك، اللاعبون موجودون. أما في المنتخب فأنت من سيختارهم بحسب فلسفلة اللعب التي تفكر في اعتمادها".
لدى كاسبرجاك خبرة واسعة في الكرة الافريقية، فهو درب منتخبات ساحل العاج وتونس والمغرب ومالي (مرتان) والسنغال، قبل ان يحط الرحال في تونس مجددا في تموز/يوليو 2015.
وتطلب منه كل هذا التنقل، "التأقلم" مرارا مع الاوضاع الجديدة.
ويوضح "عند الانتقال (الى بلد جديد كل مرة)، أعرف انه يتعين عليّ تعلم أشياء والتأقلم مع العادات (...) أما كرويا، وبالتجربة، فأنا أجد حلولا دائما".
وأتت عودة كاسبرجاك الى تونس بعد تغييرات واسعة شهدتها البلاد، مثل احتجاجات عام 2011 التي اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، واعمال العنف التي وقفت خلفها جماعات جهادية مسلحة.
وفي عام عودته الى تدريب المنتخب، قتل في تونس 59 سائحا اجنبيا في هجومين، استهدف الاول متحف باردو وسط العاصمة، والثاني فندقا في سوسة، وتبناهما تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.
وردا عن سؤال عمّا إذا كان تردد في العودة بسبب هذه الاحداث، يقول كاسبارجاك "لا. الآن هناك مشاكل في كل البلدان. انظروا (ما حصل في) فرنسا. نحن المدربون يجب ان نبقى مركزين على الكرة".