بعد تجربة قاربت عشر سنوات في تدريب منتخبات افريقية، يعود الفرنسي هيرفيه رينار الى البطولة الافريقية على رأس المنتخب المغربي، وعلى كاهله مسؤولية اعادته الى الواجهة.
قبل زهاء عام، وقع رينار مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد)، عقدا لتدريب المنتخب، واضعا نصب عينيه هدف استرجاع أمجاد "أسود الأطلس" (لقب المنتخب) الذين فشلوا في بلوغ كأس العالم منذ 1998، ولم يتجاوزوا الدور الأول لكأس الامم الافريقية منذ خسارتهم النهائي أمام تونس عام 2004.
وفي حوار بثه الاتحاد على قناته الرسمية على موقع "يوتيوب"، يقول رينار (48 عاما)، "منذ 2004، لم تتحقق نتائج مقنعة للغاية بالنسبة الى المنتخب المغربي، ويجب أن تكون هذه السنة سنة تجديد بالنسبة الى كرة القدم المغربية".
ويؤكد المدرب ان الهدف في الكأس التي تنطلق في الغابون في 14 كانون الثاني/يناير، هو "في البداية، التأهل حتما للدور ربع النهائي".
وعوض رينار المولود في إيكس ليبان الفرنسية، المدرب المغربي المعروف بادو الزاكي على رأس المنتخب، بعدما تحول الى ايقونة كروية افريقية بفضل احرازه لقب كأس الامم عام 2015 مع ساحل العاج، ليصبح أول مدرب يحقق هذا اللقب مع فريقين مختلفين.
قبل ذلك بثلاثة اعوام، كان عنصر المفاجأة لصالح رينار الذي كان على رأس الجهاز الفني لمنتخب زامبيا. وتمكن المدرب من توظيف الذكرى المؤلمة لسقوط طائرة "الشيبوبولو" (الرصاصات النحاسية، لقب المنتخب) في ليبيرفيل عام 1993 ومقتل كامل اعضائه، لاعادة بناء فريق جديد كامل شبيه بآلة غير قابلة للتدمير.
وقاد رينار في حينه زامبيا الى اللقب القاري الاول في تاريخها.
- مسيرة عبر العالم -
بدأ رينار مسيرته كمدافع مغمور في اندية فرنسية منها كان وفالوري ودراغينيون، الا انه لم يشارك يوما في دوري الدرجة الاولى.
الا انه مهاراته التدريبية فاقت موهبته الكروية، فتميز بصفات القيادة والزعامة التي اختبرها للمرة الاولى في دراغينيون، قبل ان يعمل كمساعد لمواطنه كلود لوروا مع المنتخب الغاني عام 2007.
منذ ذلك الحين، بدأت مسيرته التدريبية في العالم، فتولى مسؤوليات فريق شنغهاي الصيني وكايمبريدج الإنكليزي، ما اكسبه خبرة قادته الى المنتخبات الوطنية لغانا وزامبيا وأنغولا وساحل العاج، وصولا إلى فريق اتحاد العاصمة الجزائري، وانتهاء بالمنتخب المغربي.
ونظرا لخبرته الواسعة في القارة السمراء، باتت كأس الامم الافريقية بمثابة الحديقة الخلفية لرينار، يتباهى خلالها بقميصه الابيض المفتوح عند مستوى الصدر، وابتسامة عريضة لا تفارقه.
ويقول المعلق الاذاعي الرياضي المغربي رضا العلالي لوكالة فرانس برس "من الواضح أن وجوده على رأس المنتخب المغربي إضافة نوعية لكأس الامم الافريقية، لا سيما بالمقارنة مع المنافسين الذين يعرفهم جيدا ويخشونه".
على رغم ذلك، يبدو الرهان المغربي على الكأس المقبلة صعبا.
فالمنتخب يعاني غيابات مؤثرة في صفوفه. فقد استبعد بداية بسبب الاصابة، وقبل المعسكر التدريبي المقام في مدينة العين الاماراتية، كل من يونس بلهندة (26 عاما، لاعب نيس الفرنسي) الذي أصيب بكسر في اصبع القدم، واسامة تانان (22 عاما لاعب سانت اتيان الفرنسي) الذي يعاني التهابا في أوتار الفخذ.
وبعد انطلاق المعسكر، اعلن المنتخب استبعاد نور الدين امرابط لاعب واتفورد الانكليزي بسبب اصابة في الكاحل، واستبداله بعمر القادوري لاعب نابولي، وسفيان بوفال لاعب ساوثمبتون الانكليزي بسبب الاصابة ايضا.
والى الغيابات المؤثرة، يجد "أسود الاطلس" أنفسهم في مجموعة صعبة تضم ساحل العاج حاملة اللقب، والكونغو الديمقراطية وتوغو.
وقال اللاعب خالد بوطيب المشارك في معسكر المنتخب "نحن نعمل بكل قوة لبلوغ الأهداف التي رسمناها" مضيفا "الاستعدادات ليست سهلة بالمرة، لكن من الضروري المرور من هذه المرحلة لنكون مستعدين نفسيا وجسديا"، وذلك في تصريحات نقلها موقع الاتحاد.
- "أنا المسؤول" -
يدرك رينار التحديات الملقاة على عاتقه، لاسيما وان الاتحاد المغربي استبدل زهاء عشرة مدربين خلال العقد الماضي، والاكيد انه لن يقدم هدية الى رينار في حال فشل في تحقيق الاهداف المرسومة.
ويقول رينار "في حال ارتكاب أي خطأ خلال المسار المحدد أو لم يتم تحقيق هدف رياضي مرسوم، أظن أنني سأكون المسؤول عن تحمل النتائج".
ويقول منتقدو رينار الذي امتلك في الماضي شركة تنظيف قبل ان يتحول الى "رحالة" كروي، انه لم يثبت يوما مؤهلاته كمدرب على مستوى الاندية لاسيما في الدرجة الاولى الفرنسية، والذي ظل فترة طويلة حلما يراوده دون التمكن من تحقيقه.
وظلت تجربة رينار الفاشلة مع فريق سوشو الفرنسي كابوسا يلاحقه في مساره المهني، اذ لم يتمكن من إنقاذ هذا الفريق من الهبوط إلى الدرجة الثانية عام 2014.
وحتى بعد وصوله الى قمة انجازاته كمدرب، حينما احرز مع ساحل العاج كأس الامم الافريقية، تكرر الكابوس مع نادي ليل الفرنسي الذي أنهى عقد رينار بعد ستة أشهر فقط بسبب نتائجه الهزيلة.