سقوط مراهنات نظام الملالي المختلفة بخصوص السيطرة على الانتفاضة الشعبية المندلعة بوجههم منذ 16 أکتوبر 2022، يعطي ليس البعض من الامل بل وحتى الکثير من الثقة بأن ما يجري حاليا في إيران تطور نوعي يختلف بزاوية مقدارها 180 درجة عن ما کان يجري سابقا من إنتفاضات وأمور ضد هذا النظام.
التهديد والوعيد غير المسبوق الصادر من جانب قادة النظام ومسٶوليه وفي مقدمتهم خامنئي، لم يکن إلا مجرد هواء في شبك، وحتى إن لعبة "الجزرة والعصا" التي جربها ويجربها هذا النظام من خلال السماح لنفر منه بإطلاق تصريحات "عتابية" فيها بعض من "النقد" الموجه للنظام و"شئ" من الحق الممنوح للمنتفضين لکن مع ملاحظة إن هذا النفر يوجه نصحه من باب المحافظة على النظام وضمان بقائه وإستمراره، ولکن حتى هذا اللعب لم يکن له من أي تأثير بل وحتى إن أحدا لم يلتفت إليه ولم يعره أدنى إهتمام.
الملاحظة الجديرة جدا بالانتباه إليها وإعتبارها بمثابة نقطة تحول في موقف النظام من هذه الانتفاضة تحديدا، هي إن قادة النظام وبصورة عامة في تصريحاتهم بشأن الاوضاع، صاروا يتکلمون علنا عن "إسقاط النظام"، في تطور غير مسبوق، وقد تکرر کثيرا عبارات من قبيل "يريدون إسقاط النظام" أو "فشلوا في إسقاط النظام" أو "لن يتحقق حلمهم بإسقاط النظام"، مع ملاحظة إن الانتفاضة قد رکزت منذ بدايتها ولا زالت ترکز على إسقاط النظام!
منحنا الکثير من الثقة لما يجري حاليا في إيران من حيث کونه تطور نوعي يجري بإتجاه صار صعب على النظام أن يکبح جماحه، يأتي لأسباب وإعتبارات کثيرة من أهمها:
ـ هذه الانتفاضة ليست مجرد حدث طارئ وعابر، بل إن لها جذور قوية تمتد ل43 عاما، وإنها حاصل تحصيل مقاومة عنيفة للنظام مستمرة منذ 40 عاما وأدى الى مقتل 120 شهيدا من أجل الحرية.
ـ القوة الرئيسية والاساسية لهذه الانتفاضة تتکون من الشباب والطلبة ومن النساء المنتفضات، وهذه القوى مستعدة للتضحية وتستوحي نضالها من تضحيات شهداء نصف القرن الماضي.
ـ البنى التحتية لهذه الانتفاضة تتشکل من غضب الناس وکراهيتهم ورفضهم القاطع لهذا النظام وهي حاصل تحصيل تعامل مر لـ 43 عاما ولا يمکن أبدا من إحداث أي تغيير في هذه البنية إلا بإسقاط النظام.
ـ هذه الانتفاضة مدعومة وموجهة بمقاومة منظمة على الصعيد الوطني مع شبكة واسعة وكبيرة من وحدات المقاومة داخل إيران.
والملاحظة المهمة جدا والتي يجب أخذها بنظر الاعتبار والاهمية هي أنه وفي ثورة عام 1979 نادى شعب إيران أنهم لا يريدون الشاه ولكن الخميني جاء وسرق قيادة هذه الحركة، وجلب هذه الكارثة لشعب إيران، لكن اليوم شعب إيران يعرف ما يريد وما لا يريد، إذ لم يعد الشعب الإيراني يريد الاستبداد الديني واستبداد الشاه على حد سواء، بل إنه يريد وعن قناعة جمهورية ديمقراطية مع فصل الدين عن الدولة.
ولذلك فإن رٶيتنا لمستقبل هذه الانتفاضة من حيث قمع النظام لها على النحو التالي:
ـ توسيع الاعتقالات بأكبر عدد من الاعتداءات وإثارة الرعب بين الناس.
ـ استمرار الاعتقالات وتجميد العضوية وفصل الطلاب على نطاق واسع.
ـ إطلاق النار والقتل المباشر في مسرح الاحتجاجات، بحيث استشهد حتى الآن أكثر من 660 شخصا حتى الان.
ـ استقدام قوات الحرس بالزي المدني للقمع.
ـ مجزرة في زاهدان وسجن إيفين ثم في كردستان حيث هاجموا في الأيام القليلة الماضية مدينتي جوانرود ومهاباد ومدن أخرى في كردستان بالأسلحة الثقيلة والمدرعات وقتلوا وجرحوا العديد من الأشخاص.
لكن رغم كل تلك الجهود لقمع النظام، فإنها لم تنجح في وقف الانتفاضة، لأن الانتفاضة مستمرة وهي بصدد دخول شهرها الرابع، ورغم القمع الوحشي، يتجول الناس، وخاصة الشباب، في الشوارع كل يوم.