أفتونا في أمرنا..هل نحنُ في زمن الحيرة وضياع اليقين؟..هل أبقوا لنا من السيادة شيءٌ ما نحتفظ به؟..أما سَمِعوا بمقولة عمر بن الخطاب (رض) "تفقّهوا قبل أن تسودوا"، لكن يبدو أن مواسم الخيانات والأنفس الرذيلة والأفكار المريضة هي التي تسوّل لهم أن عدوهم هو الشعب وليس مَن يقصف أراضيهم يومياً من دول الجوار.
شياطينهم التي تختزنها أجسادهم تُصور لهم أن الصبّات الكونكريتية والحواجز التي يضعونها الواحدة تلو الأخرى لمنع تدفق حشود الجماهير نحو قصورهم ومكاتبهم هي التي سَتُديم حُكمهم وسُلطتهم، أمّا ماتفعله دول الجوار من قصف وقتل لِشعبهم فلا يَهُم ولابأس أن يذهب هذا الشعب بأكمله إلى الجحيم ما داموا يجلسون على كراسي السُلطة ويتنعمون بملذات النفوذ.
أنانية السُلطة وسقوطها في قعر الحضيض عندما تترك شعبها يُلاقي مصيره هدفاً سهلاً لِنيران المُسيّرات والصواريخ، بينما تتحصن هي بمزيد من الصبّات الكونكريتية، فأيُّ سُلطة تُسمّى هذه الشرذمة؟.
كُل هذه التحصينات والدواعي الأمنية وذلك القلق الحكومي والخوف من شباب سِلمي يرفع شعار "نُريد وطن" فهل أبقت هذه السُلطة شيئاً من الوطنية والحكمة التي تُختزل في داخلها؟.
حدود العراق وشعبه أهدافاً سهلة ومُتاحة لِقصف دول الجوار بشكل وحشي ومتواصل لا يَمُت للإنسانية بشيء سوى أنها جرائم بحق هذه الإنسانية عندما تُبادر هذه الدول بإزهاق أرواح أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في المكان والزمان الخاطئ، فأيُّ سُلطة تحترم نفسها في أن تفعل ما يفعله الحُكّام بأمر الله لنا؟.
إنظروا إلى تحصيناتهم وموانعهم الكونكريتية وذلك الرعب والخوف الذي يعيشونه، ستجدون سُلطة خائفة مُرتبكة تُخيفها صرخة مظلوم أو صيحة جائع، بينما لا تهتم لِعشرات المُسيرات التي تقصف أرضها وتقتل مواطنيها، في إستنتاج لا يقبل التأويل أنهم شرذمة مُتمسكة بالسُلطة ليس أكثر، حدود سُلطتها ونفوذها جُدران وأسيجة المنطقة الخضراء التي تَحصّنوا داخلها.
لكنهم تناسوا أن الصبّات التي وضعوها أمام هُتافات الشعب لن تبقى واقفة إلى ما لانهاية، ولن تصمد أمام صرخات شباب "نُريد وطن" وعند سقوط أول صبّة فإن باقي الصبّات ستسقط تِباعاً كلُعبة الدومينو، وكم كُنّا نتمنى أن يتفقّهوا كما قال الفاروق بأن الشعب هو مصدر القوة لهم وهو درعهم الذي يحميهم وليس الصبّات الكونكريتية، وإنَّ للوطنية والسيادة باباً واحداً لا يدخله الحُكّام إلا عبر حماية الأرض والشعب، لكنهم لا يُجيدون حتى حماية أنفسهم من غضبة الحليم، فكيف بِحماية الأرض والشعب.