منذ ما يقارب الشهر، نشهد انتفاضة عارمة في إيران، فبعد 44 عاما من حكم الديكتاتورية الإرهابية المتسترة برداء الدين الحاكمة في إيران، تم الكشف الآن عن أن «ايام الخوف قد ولت.. حيث تجاوزت الشعارات التركيز على الحقوق ووصلت الى موت الظالم سواء كان شاها او مُلا». (صحيفة، لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، 8 أكتوبر 2022).
على النظام وشخص خامنئي أن يجيب على سؤال فيما إذا كان يستطيع تكرار القمع الذي مارسه قبل ثلاث سنوات خلال انتفاضة نوفمبر 1998 (نوفمبر الدامي – انتفاضة بنزين)، والتي قتل خلالها ما لا يقل عن 1500 شخص واعتقل الآلاف في 22 مدينة؟.
ما شهدناه ونشهده في هذه الأيام هو أن القدرة النهائية لهذا النظام على ممارسة القمع هي إلى حد ما، ما استطاعت ان تفعله حتى الآن.
لقد أظهرت الجراحة العظمى التي أجراها خامنئي بإزالة جميع الفصائل داخل النظام من تنصيب الملا رئيسي على رئاسة الجمهورية، قمة جبل الجليد من خلال القيام بهذه الخطوة، وهو ما كان عليه أن يفعله، اي انه لم يكن لديه خيار آخر، حيث تسبب خامنئي في انفصال الجسم البرجوازي للنظام عنه. على الرغم من أن "البرجوازية الوطنية" لم تكن موجودة أبدا في إيران، إلا أن ما كان في عهد الشاه كان برجوازية تعتمد على الأجانب، وما تم إنشاؤه لاحقًا في عصر الجمهورية الإسلامية هو برجوازية تجارية مفلسة تضم كبار المساهمين ورجال الأعمال الحكوميين الكبار والباسداران وأصحاب الممتلكات من ذوي الاسعار الخيالية.
ان استمرار النظام الذي يرأسه أخوند إبراهيم رئيسي، وخامنئي الولي الفقيه، لا يحمي مصالح هذه الفئة التي تخضع لعقوبات وحظر على التبادلات المالية العالمية والعزلة الدولية، ويضطر إلى تكديس رؤوس أموال أقل، عن طريق التهريب وغسيل الأموال هو بحد ذاته معرض للخطر. ونتيجة لذلك، قلل نظام الجمهورية الإسلامية من قدرته على قمع وتعبئة القوات بالتقلص إلى نواة صغيرة تابعة لـ"ولاية"، والتي أطلق عليها خامنئي في البداية "حكومة شباب حزب الله".
في مثل هذه الحالة حيث يكون "البازار" كاسدا، وشراء وبيع المساكن راكدا، والاقتصاد مقفل، وهؤلاء الباسداران الكبار الرأسماليين الذين يعرفون جيدا أنه لا أمل في بقاء هذا النظام، يرون امامهم طريقة وحيدة لإخراج انفسهم وممتلكاتهم من البلاد بأي وسيلة ممكنة والهرب، وبالطبع بدأوا بالفعل في تنفيذ ذلك.
من جهة أخرى، يتزايد تآكل القوى القمعية، بما في ذلك قوات الشرطة والباسيج والجيش، بسبب انتشار التظاهرات وامتدادها الى جميع المحافظات الإيرانية البالغ عددها 31، بشكل تدريجي، خاصة وأن الشعب والشباب بالكاد يقاومونها. وإذا تعرضوا للهجوم، فسوف يقومون بهجوم مضاد.
يشتكي الجرحى للقوات القمعية في المستشفيات من عدم امتلاكهم ملابس مناسبة، وأنهم لا ينامون بشكل كاف، وليس لديهم القدرة على الوقوف في وجه الفتيات والفتيان المليئين بالطاقة لدفن النظام بأكمله.
يقول محسن منصوري، محافظ طهران، لوسائل إعلام داخل إيران في 8 أكتوبر وفي إشارة إلى الثغرات الموجودة في "المجال الأمني": "في مجموعة الأجهزة الأمنية، الهياكل القائمة غير مستجيبة وبعض قوات الشرطة لم تعد إلى بيوتها منذ عدة أيام خلال الاضطرابات".
والآن، طهران العاصمة اصبحت "أكبر مدينة متمردة في العالم"، و"هي مرآة الرؤية الكاملة لإيران" كما يقول مسعود رجوي، وطهران الكبرى هي الخط الأخير لجهاز أمن الشاه "سافاك” وقوة الحرس التابع لديكتاتورية الملالي.
في ليلة السبت 8 أكتوبر، في "نازي آباد"، وهي منطقة فقيرة وأكبر بلدة في جنوب طهران، هتف الآلاف من المتظاهرين الذين سيطروا على المنطقة وطردوا جميع الحراس والشرطة: أن ”هذا العام هو عام الدم، ويتم الإطاحة بسيد علي” و"الموت للديكتاتور".
في الوقت نفسه، في شمال طهران، وهي منطقة سكنية غنية، يهتف الناس "الموت لخامنئي" و"الحرية ، الحرية ، الحرية". الوضع هو نفسه في جميع المدن الإيرانية: الموت للديكتاتور.. تعيش الحرية.
ولقد اعترف أحد قادة النظام، وهو من جماعة "المؤتلفة" الرجعية، في وسائل إعلام رسمية ، بمقتل "20 شخصًا من الفراجا" (القيادة العامة لشرطة جمهورية إيران الإسلامية) وإصابة المئات من كوادرها.
وأعلن قائد القوات الأمنية لولاية الفقيه في محافظة طهران، في يوم الخميس 7 أكتوبر، عن إصابة 1800 من زملائه. كما قال قائد آخر للحرس الثوري: "قبل أربعة أيام في طهران، عندما تدفق طلاب الجامعات إلى الشوارع في التاسعة صباحًا، كان لدينا حشود ومظاهرات في 105 نقاط بطهران".
نعم، ما زالت هذه قطرة في محيط وفيض من غيض، فالشعب الإيراني لديه في صدره نيران كثيرة وكثيفة ضد الظالمين، وهناك تقارير تتحدث عن الاستيلاء ونهب العديد من المباني الحكومية.
على الساحة الدولية، نواجه مظاهرات عدة غير مسبوقة لدعم الشعب الإيراني، وتأييد المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا إلى أوروبا والشرق الأوسط، وتقريباً جميع وسائل الإعلام العربية والأوروبية تتحدث يوميا عن شجاعة الشعب الإيرانى ووقوفه أمام الديكتاتورية مثلما حدث في ثورة 1979.
الآن ما يواجهه الشباب والشابات في إيران هو إشعال وتصعيد هذه الثورة أكثر واكثر، والتي بالطبع يتحمّس الناس والفتيان والفتيات استعدادا لها.. ولذلك من يسقط هذا النظام من خلال زيادة قوته الهجومية، سيتولى الحكومة القادمة وهذا بالطبع سيحل قضية القيادة أيضًا والتى يبحث البعض عنها في التفاسير.
لم يبني شعب إيران على أنه ربما يتخلى الملالي عن السلطة مثل ما فعل شاه إيران السابق و يتركون إيران في النهاية، هذا قد يحدث وقد لا يحدث غير ان الشعب ورواده، لقد قرروا الاستمرار للثورة حتى الإطاحة الكاملة بهذه الديكتاتورية ولن يتنازل الايرانيون عن تحرير بلادهم من قبضة الدكتاتوريين المتعطشين للدماء.
وفي ذلك اليوم، بينما كان السيد حسن نصرالله يسير خلف خامنئي ورئيسي (إذا نجا)، سينظر إلى إيران ويقول لهما: "قفا نبك من ذكرى نظام ومرشد".
نعم، يوم انتصار الثورة الإيرانية الجديدة يقترب.