: آخر تحديث

السعودية نحـو آسيَـا

72
87
70
مواضيع ذات صلة

من المقرر أن يقوم سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بجولة آسيوية تشمل العديد من دول التأثير الكلي والنسبي في الميدان السياسي والتجاري. ولعل من الواضح أن آسيا اليوم باتت أكثر أهمية من ذي قبل، فالصين والهند تمثلان العهد الجديد من اليد العاملة التي ستؤمن للعالم ما يمكن تسميته بـ النهوض التنمويللقرن الحادي والعشرين. 

لقد قامت البنية التحتية لكثير من دول العالم خلال القرن السابق، فمعظم البنية التحتية للولايات المتحدة اليوم هي صنيع خمسينيات وستينات القرن الماضي، وقس على ذلك البنى التحتية للقارة العجوز وأمريكا اللاتينية بل وحتى بلدان الوطن العربي. فمصر التي لا تزال تحصد اليوم ثمار ما تم منذ عهد الملك فاروق، لا يختلف عنها العراق الذي لا يزال معتمدا على كثير مما بُني في عهد ما يعرف بالمملكة العراقية حتى عام 1958.

وسوريا التي تدمرت بسبب الحرب الأهلية منذ 2011 أسس لبنيتها التحتية حافظ الأسد، وكذلك اليمن فقد ظل واقفا حتى السنوات الأخيرة على البنية التحتية التي كانت في أوج ازدهارها بين عامي 1950 وحتى 1970 , وفي عهد ما يسمى بـ دولة الجنوب العربي المتحد عام 1950؛ بات ميناء عدن كثالث أهم مرفأ تجاري في العالم.

وفي الوقت ذاته فإن إيران الحديثة هي نتاج البنية التحتية التي أسسها الشاه بتمويل من المالية السويسرية التي مولت مشاريعه بمليارات الدولارات كقروض مالية، وهي تعتمداليوم اعتمادا كليا على بنية تحتية بنيت قبل خمسين عاما،حيث لم تشهد إيران إضافات نوعية على بنيتها التحتية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.

إذن/ فالعالم اليوم بات يعاني من بنية تحتية قديمة، وهو ذاهب لا محالة إلى تجديد هذه البنية بشكل جزئي أو كامل. وبعد أن قامت كل من الصين والهند وروسيا بنهضة شاملة خلال العشرين عاما الماضية شملت تأهيل نفسها أولا من خلال بنيتها الداخلية وجدولة ديونها العامة وترميم كفاءة طاقاتها السياسية والعسكرية والاستخبارية والاقتصادية، أصبحت اليوم أكثر جاهزية لتكون القارة الآسيوية محضنالبنية التحتية للقرن الحادي والعشرين، فاليد العاملة تتمركز بطاقة كامنة في الصين والهند وباكستان والفلبين وإندونيسيا وسيرلنكـا وتايلند وماليزيا، والعقل المبدع والمصنع يتمركز أيضا في دول عدة ككوريا الجنوبية واليابان والصين وروسيا. أما عن الميدان السياسي فقد أثبتت آسيا جانبين مهمين: الأول هو في الشراكة الدافئة مع السعودية عبر عقود وعدم التداخل المباشر مع مصالحها،ودول عملاقة مثل الصين واليابان وكوريا والهند باتوا سوقا مستهدفة لدى النفط السعودي، وروسيا شريك المهنة هي فيتوافق تام مع المملكة في إدارة سوق النفط. وأما الجانب السياسي الآخر فهو قدرة آسيا على تغيير المعادلة السياسية كما حدث في سوريا بغض النظر عن رضا المملكة من عدمه حول التدخل الروسي، إلا أن ذلك أثبت أن الجانب الآسيوي لديه الكفاءة الواعدة مستقبلا في أن يكونشريكا جنبًا إلى جنب مع الرافد الغربي في الأمور السياسية.

وتأتي القضايا الأخرى كخارطة طريق الحرير الجديدة التي أطلقتها الصين في عام 2017 وتتضمن حزاما جديدا لطريق الحرير البري والبحري الذي سوف يغير كثيرا من نمو بلدان كثر سلبا وإيجابا حيث يمر بأكثر من 65 دولة ويعيش فيها أكثر من 4 مليارات نسمة.

إذن فنحن أمام مرحلة نوعية أمام المملكة في تحقيق رؤيتها الشاملة ستثمل بداياتها الجولة الكبيرة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لآسيا والتي ستتوزع أهدافها على القضايا السياسية والتجارية، الأمر الذي يخبرنا عن مدى تعقيد المرحلة المقبلة للخارطة التجارية، ومدى التغير الذيسيطرأ على كثير من المصالح المشتركة لدول العالم الأكثر أهمية. وأخيرًا: فإن هذه الجولة الكريمة ستحمل آمالا كبيرة بأن تكون المملكة العربية السعودية ضمن مقصورة القيادة التجارية كما ستعزز موقعها السياسي والاستراتيجي في المنطقة.

كاتب سياسي سعودي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في