سهوب بغدادي
فيما تعرف لغة الأطفال بالتراكيب اللغوية والصوتية المبسطة وغير المعقدة، إذ يبدأ الطفل بالمناغاة وإصدار الأصوات الأولوية، ثم ينتقل إلى مرحلة الكلمة الواحدة وصولًا إلى تكوين العبارات والجمل المفهومة والمركبة، بلا ريب، أن الطفل الذي يولد في مجتمع يتحدث لغة ما سينطق أولى كلماته بلغة ذلك المجتمع، سواء كانت اللغة الإنجليزية أم الفرنسية أم الأفريقية، إلا أن هناك ظاهرة حديثة نشأت مع بزوغ الفورة التقنية ومواقع التواصل الاجتماعي وانتشار المحتويات المعنية بالطفل والتربية، إذ أصبح معتادًا بالنسبة للطفل العربي وغيره احتمالًا أن يتحدث الإنجليزية في مراحل حياته الأولى، وذلك أمر مثير لتساؤل كثير من المحيطين بالطفل، وسط معاناة متواترة من الأجداد وكبار السن وشعورهم بالعزلة، إلا أن الظاهرة متوقعة الحدوث، بسبب سطوة الإنترنت وغزو الأجهزة اللوحية لكل منزل منذ سنوات الطفل الأولى، كما تعد كثافة المحتوى الرقمي الإنجليزي المخصص للأطفال أحد أبرز العوامل المساعدة في انتشار تلك الظاهرة، بالإضافة إلى عوامل أخرى مباشرة وغير مباشرة كانشغال أحد الوالدين أو كلاهما، مما يجعلنا نتساءل عن مصير أطفال «الكوكوميلون» و»مس ريتشل» أعني بذلك مصير لغتهم العربية والثقافة المنعكسة من تلك المحتويات التي قد لا تكون ملائمة لديننا وثقافتنا وعاداتنا والتنشئة الإسلامية المعتدلة، إذ يظهر دور صانعي المحتوى الرقمي هنا، من خلال تكثيف المحتوى الرقمي المخصص للطفل باللغة العربية، وحلاله بشكل مجاني على المنصات الرائجة لدى الأطفال وتوعية الأهالي بأهمية التنويع في اللغات التي يعرضون لها الطفل، خاصةً وأن الكثير من الأهالي يتجهون نحو المناهج العالمية والمدارس التي تتبناها وليس ذلك بالأمر الخاطئ، بل يستلزم منا أن نقف على تلك الظاهرة ونتمعن في تبعاتها وتداعياتها على الطفل ومحيطه ومستقبله.