: آخر تحديث

أكتوبر.. إنذار صحي

9
7
7

يمثل شهر أكتوبر، بأجندته الصحية الحافلة التي تُضيء على الإبصار، والمفاصل، والصحة النفسية، وسرطان الثدي، انعكاساً صادقاً لتحديات إنسانية عميقة. فلا يمكننا المرور بـ"الشهر الوردي" ويوم التوعية بالصحة النفسية دون وقفة تحليلية تتجاوز مجرد رفع الشعارات الموسمية، وتعترف بالصراع اليومي لملايين الأسر.

إن أجندة أكتوبر تكشف عن فشل عالمي متزايد في احتواء أمراض العصر غير المعدية. فعلى سبيل المثال، يظل سرطان الثدي تحدياً وجودياً؛ ورغم عقود من التوعية، لا تزال أرقام الوفيات مرتفعة، مما يشير إلى أن رسائلنا لا تصل إلى كل امرأة، أو أنها تصل متأخرة. والمطلوب من الحكومات في دول العالم تجاوز حملات الزينة التقليدية، والانتقال فوراً إلى تأمين الفحص المبكر مجاناً وإلزامياً، وتسهيل الوصول إليه في كل مركز رعاية أولية، حتى لا تتحول مأساة "التشخيص المتأخر" إلى مصير محتوم. وقد كانت المملكة في هذا الإطار نموذجاً فريداً في تقديم الحملات الوقائية، والفحص المبكر، وانتشار عربات الماموغرام في مختلف المناطق.

وتُعد قضية الصحة النفسية (10 أكتوبر) الأزمة الصامتة والأكثر تفاقماً. فعندما نسمع أن الانتحار لا يزال ظاهرة عالمية متزايدة، فإن ذلك ليس مجرد رقم في إحصائية، بل يعني أن هناك آلاف الآباء والأبناء الذين يصارعون الألم في الظل دون عون.

وهنا، تستدعي الرؤية التحليلية نقد التمويل الحكومي الهزيل لخدمات الصحة النفسية؛ إذ يجب تخصيص ميزانيات ضخمة لدمج الدعم النفسي كـحق أساسي في الرعاية الأولية، لا أن يظل علاجاً مكلفاً متاحاً للقلة.

وفي سياق الأمراض المزمنة مثل التهاب المفاصل وهشاشة العظام، تبرز أهمية الوقاية والحركة. ويقع على عاتق الأنظمة الصحية، بما فيها النظام المحلي، واجب تفعيل التشريعات وتطوير البنية التحتية لتشجيع النشاط البدني الحقيقي، وتوفير برامج فحص مبكر شاملة لعوامل الخطر مثل نقص فيتامين (د). فهذه الإجراءات الوقائية، على بساطتها الظاهرة، تمثل استثماراً طويل الأجل يقلل العبء عن ميزانيات العلاج الباهظة في المستقبل.

إن الأيام الصحية في أكتوبر هي صرخة مستمرة لتترجم الحكومات الوعي إلى إجراءات وقائية إلزامية وفورية، تلامس حاجة الإنسان اليومية، وتضمن أن الأمل والعلاج ليسا مجرد شعارات، بل واقع ملموس.. وللحديث بقية، فشهرا نوفمبر وديسمبر مفعمان بالأيام الصحية الخطيرة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد