: آخر تحديث

قمر القرون الوسطى... وجوه القمر المتعددة

3
3
2

كتابٌ عن القمر. وبمجرد أن تقرأ العنوان سوف تقفز إلى خاطرك فوراً أيام الطفولة، أو بالأحرى لياليها. وصورة القمر في السماء بدراً يضيء الدنيا، وعلى مقربة منه، لا تفارقه رفيقته نجمة الصبح. لكن هنا، القمر كما هو في العلم لا في الحلم... قمر القرون الوسطى كما تروي حكاياته الدكتورة عيوش اللاذقاني الأستاذة المحاضرة في جامعة أوكسفورد وأول من استقبل المؤلف الساحر مجلة «هيستوري توداي» ومجموعة من مجلات الأكاديمية والاختصاص في عرض جميل للكتاب.

توفر دراسة اللاذقاني أدلة وفيرة على أن أسلافنا كانوا منجذبين إلى هذا الجسم السماوي ومضطربين منه في الوقت نفسه. بالنسبة إلى البعض، كان القمر ودوداً: فقد أعلن الشاعر الصيني سو تونغ بو (1037-1101) أنه بما أنه يمتلك القمر والنبيذ والزهور، فإنه لا يحتاج إلى أي نديم.

ووجد آخرون أن القمر وجود مقلق بارد ومتقلب. اعتقد البعض أنهم يستطيعون رؤية مخلوقات غامضة على وجهه المنقّط: كتب الشاعر الكوري يون سون دو (1587-1671) عن «أرنب من اليشم على القمر». وفي مناسبات مرعبة عدة في أواخر سبعينات القرن الثاني عشر، بدا القمر لفترة وجيزة وكأنه يتلوى ويتلوى.

لحسن الحظ، كانت الأوهام المخيفة نادرةً للغاية، في المقابل، كانت مشاهدات الإنسان على القمر شائعة، على الرغم من أنه لم يكن بإمكان الجميع رؤيته. اشتكى عالم الرياضيات ألبرت من ساكوسنيا في القرن الرابع العشر من أنه مهما حاول جاهداً، لم يرَ سوى بقع سوداء. لكن الاعتقاد الشائع بوجوده تعزز بفضل قصص عن رجل نُفي إلى الفضاء، إما لأنه سرق شيئاً (ربما أرنباً أو خرافاً).

يبدو أن بعض الناس قد انزعجوا من هذا الكائن التعيس وحياته الباردة والتعيسة، ففي قصيدة «الرجل في القمر» (حوالي 1300)، يندب المتحدث قائلاً: «الرجل لا يسمعني، رغم أنني أصرخ إليه». بينما انبهر آخرون باحتمال وجود حياة هناك، وحلموا بالسفر إلى الفضاء. وفقاً للأسطورة، أرسلت الآلهة تشانغ إي الإمبراطور شوانرونغ (حكم من 712 إلى 756) إلى القمر، بينما تخيل لودوفيكو أريوستو في روايته «جنون أورلاندو» (1532) رحلة الفارس أستولفو إلى القمر لاستعادة عقل ابن عمه المفقود. هناك اكتشف حضارة مذهلة (المدن والقلاع على القمر وفيرة حجم المنازل يملأ بالدهشة)، بالإضافة إلى كميات هائلة من النفايات الأرضية، وفي أحد هذه الأكوام الضخمة من الوعود المكسورة، وتنهدات العشاق، والدموع، وجد عقل أورلاندو المفقود، محفوظاً بأمان في شكل سائل في قارورة مغلقة بالفلين.

إلى اللقاء


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد