: آخر تحديث

تطوير معرض الرياض للكتاب بـ(المقر الدائم)!

1
1
1

محمد بن عيسى الكنعان

بتقديري المتواضع أن معرض الرياض الدولي للكتاب هو العلامة الفارقة لكل الأحداث الثقافية لدينا؛ نظرًا لحجم المشاركة الإقليمية والدولية، وتأثيره الحضاري، والسمعة الإيجابية التي جعلته في مصاف معارض الكتاب الدولية، خاصةً أنه يرتكز على عراقة تاريخية، فقد كانت بداياته عام 1978م (1398هـ) في جامعة الملك سعود، قبل أن يتحول - بعد عدة سنوات - إلى معرض دولي للكتاب بتنظيم وزارة الإعلام والثقافة عام 2007م (قبل انفصالهما كوزارتين مستقلتين)، ثم إلى وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة الأدب والنشر والترجمة.

خلال هذه المسيرة الحضارية التي تزيد على 45 عامًا أصبح معرض الرياض الدولي للكتاب أيقونة الأحداث الثقافية في منطقتنا العربية، وتظاهرة سعودية في المشهد الدولي، ما يجعلنا نتطلع دومًا إلى أن يستمر هذا التألق الثقافي والتميز السعودي، كونه يعكس جانبًا من المكانة المرموقة للمملكة العربية السعودية على المستوى الإقليمي والصعيد العالمي.

لهذا، فعندما نكتب عن معرض الرياض للكتاب، سواءً بإشادة أو نقد بنّاء؛ فإن الهدف هو الارتقاء ومعالجة السلبيات، وتعزيز الإيجابيات، بما يدفع بالمعرض نحو المكان الأفضل في الواجهة العالمية، فهذا مكتسب وطني ينبغي بل يجب المحافظة عليها وتطويره، كونه يُضاف إلى سجل إنجازاتنا الوطنية.

وإذا كان المجال هنا لا يتسع إلى استعراض أبرز المحطات السنوية لمعرض الرياض للكتاب، فإن المجال لا شك يتسع للإشارة - إجمالًا - إلى آخر خمس سنوات عُقد فيها المعرض، حيث تجاوز عدد دور النشر المشاركة أكثر من 2000 دار يمثلن أكثر من 25 دولة إقليمية وعالمية، بعد أن كانت الدور بالمئات، وهذا يؤكد قوة المعرض، وحجم تأثيره في استقطاب دور النشر بحكم مكانته في روزنامة المعارض العربية والدولية.

وبالنظر إلى السنوات الأخيرة للمعرض فإنه قد شهد تنقلات في مقر إقامته، من مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض لأعوام (2018 - 2019 - 2021م)، ثم واجهة الرياض (روشن حاليًا) عام 2022م، ثم عاد المعرض إلى رحاب جامعة الملك سعود لعامي (2023 - 2024م)؛ حيث شهد أفضل نسخة من حيث حجم المشاركة والتنظيم. أما دورة المعرض لهذا العام 2025م، التي انتهت يوم السبت 11 أكتوبر؛ فالحق أن قاعة المعرض كانت ضخمة، وأكثر من رائعة من حيث مساحات الممرات وتوزيع الأجنحة والمرافق، ما جعل المعرض يستوعب كثافة الزوار وبالذات يومي الجمعة والسبت. إلا أن الإشكال كان في تنظيم السير خارج المعرض، وبالذات الأيام الثلاثة الأولى للمعرض، ما بين سيارات الزوار، والحافلات الترددية من المعرض إلى القطار (المترو)، وسيارات الأجرة، فضلًا عن الساحات الخارجية للمعرض، التي لم تكتمل من حيث الرصف واللوحات الإرشادية والحواجز إلا لاحقًا.

هذه الملاحظات التي تتعلق بالتنظيم الخارجي للمعرض دائمًا ما تشكل التحدي الحقيقي للجهة المنظمة، لهذا لا يمكن أن يتطور المعرض بشكل أفضل، ويحافظ على سمعته الإيجابية التي حققها من دوراته السابقة إلا بـ(المقر الدائم)، وهذا لا شك يتطلب تعاون بين وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة الأدب والنشر والترجمة، ووزارة البلديات والإسكان ممثلةً بأمانة الرياض، ووزارة المالية ممثلةً بهيئة عقارات الدولة للخروج بهذا المقر الحلم، بحيث يتم تأسيسه على بينة، يُراعى فيها الهوية الخاصة للمعرض، والقاعة الكبرى التي تستوعب آلاف من دور النشر والوكالات والشركات الثقافية، والقاعات الصغرى الموازية لخدمة البرنامج الثقافي، والمرافق الحيوية من مركز إعلامي، ومركز رعاية صحية، ومقاهي ومطاعم، ومصليات، ودورات مياه (أعزكم الله)، وبوابات رقمية، ووكالات تغليف وتوصيل بريدي، وغيرها، ويحيط بكل ذلك مواقف شاسعة منظمة بطريقة هندسية تمنع الازدحام، الذي قد يؤدي إلى الاختناق المروري، مع وجود كل خدمات النقل من حافلات وسيارات أجرة، وسيارات التوصيل المدفوع.

لا ريب أن وجود مقر دائم لمعرض الكتاب يُعد نقلة نوعية بكل المقاييس. قد يقول قائل إن تخصيص مقر لمعرض لا تتجاوز أيامه 11 يومًا من كل عام مكلف وغير مجدي، ونقول يمكن استثمار أيام العام في فعاليات ومناسبات ذات طابع ثقافي، فالمهم أن يكون هناك مقر دائم لمعرض الرياض الدولي للكتاب، كما حدث ذلك في إحدى الدول المجاورة التي حققت نجاحًا بهذا العمل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد