علي الخزيم
مهما قيل من نقد وملحوظات على أداء بعض المعلمين من الجنسين: تبقى للمعلم قيمته وهيبته؛ وتُحفظ له مكانته وتُقدّر جهوده بسبيل التربية والتعليم؛ والنقد الهادف بسبب ممارسات فردية طارئة أو اجتهادات عابرة القصد منها حسن لا يقلل ولا ينتقص تفاني المعلمين المِهني المُخلِص، فالمعلم عبر العصور له صورة لامعة وصِيت عالٍ وتقدير يتزايد كلما زادت المهام وتطورت الأدوات، هذه النظرة التقديرية تَكَوّنت وتراكمت معانيها بفضل ثمار عطائهم وما يجنيه التلاميذ من ينابيع معارفهم جيلًا بعد جيل.
التجاوزات العفوية والاجتهادية من معلم لا يعني أنه مقصر في عمله ومتهاون بمعايير مهنته؛ غير أن هذا الأمر محسوب عليه وحده فلا يلام المعلمون كافة بتقصير أحدهم أو ارتكابه لخطأ عارض، فمن أولياء أمور التلاميذ من يُعلّق التقصير والخطأ على المدرسة بكل أركانها وتسلسل كوادرها، فهو ينظر لما تعرض له التلميذ ولم يلتفت لما يواجهه المعلم كنقص في الأدوات وخروج بعض مرافق المدرسة أحيانًا عن جزء من الخدمة؛ وغياب بعض الوسائل المُعينة للمعلم على تقديم أعلى قدراته بالعملية التربوية التعليمية، فهذه النواقص المؤقتة بالمدرسة قد تحدث رغم حرص الجهات الرسمية على تكامل المرافق والأدوات المساعدة.
هل الكلام أعلاه يعني أن كل معلم معصوم من التقصير والإهمال؟ الجواب: لا؛ فهناك من يحدث منهم ذلك، وعليهم من يحاسبهم ويُقيّم عملهم، وعلى المُتصيّدين للأخطاء أن يتذكروا دومًا أنهم بأعمالهم قد يرتكبون ذات الشيء، فهم بشر معرضون للهنَّات والأخطاء مثلهم كمثل المعلم الذي يعيش حالات مُتذبذبة كغيره من البشر ويتعرض لما يُغيّر مزاجه وتفكيره بعض الوقت، فلا تكتمل لديه مقومات الأداء الجيد بين ساعة وأختها، وخيرنا من يُقدّر ويسامح عن مثل هذه الحالات العابرة، أمَّا مَن ثبت تقصيره وتكرر منه فله شأن عند إدارة المدرسة والإشراف التعليمي.
المعلم يُمضِي وقتًا مُجهدًا أمام التلاميذ؛ ومنهم من يُخرج المعلم عن دائرة الأعصاب المنضبطة، وقد يتصرف بما لا يُرضِي التلميذ فيلام دون الأخذ بالاعتبار تصرف الصغار العبثي أحيانًا، فالتركيبة النفسية لدى بعض التلاميذ غير متزنة ولم تهتم أسرهم بها، وكأنها أمر اعتيادي يزول مع الوقت، ولهذا: (كشف الدليل الإرشادي للتعامل مع مشكلات الصحة النفسية عن إطلاق قائمة موحدة ومُقنَّنة للكشف عن مشكلات الصحة النفسية لدى الطلاب في الفئة العمرية من السادسة إلى الثامنة عشرة، لتصبح بذلك أداة إلزامية للمتخصصين في جميع مدارس التعليم العام بالمملكة) لتقديم الدعم النفسي الأوَّلِي داخل المدرسة.
ولأن بعض الطلاب يكونون أحيانًا السبب بحدوث مشكلات تستدعي تأنيبهم وعقابهم وربما إحالتهم للجهات الأمنية بحسب درجة التجاوز والسلوكيات الجسيمة من الطالب كالضرب والسرقة والتصوير والتدخين؛ ثم توثيق الإجراءات المتخذة طبقًا للمواد المنصوص عليها بالنظام، وتشدد وزارة التربية والتعليم على أهمية معالجة مثل هذه الأحداث دون تأخير وتطبيق الأنظمة المرعية بشأنها، كما تؤكد على أن هذه الضوابط تهدف إلى حماية البيئة التعليمية وضمان انضباطها، مع تقديم حلول تربوية تُعزز القِيَم الإيجابية وتقَوّم السلوكيات غير المرغوبة داخل المدارس، (فحين نَعتب على معلم حينًا فلا نهضم حقه وتقديره دائمًا).