: آخر تحديث

القضية الفلسطينية في مشوار جديد

3
2
3

خالد بن حمد المالك

تمر المنطقة في مرحلة مفصلية غاية في الأهمية، فقد سكتت آلة الحرب، ولم يعد لها من وجود لاستمرار حرب الإبادة، وتم إطلاق سراح عشرين رهينة لدى حماس والجهاد، وخرجت أعداد فلسطينية من سجون العدو الإسرائيلي، وتوقفت لغة التهديد بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى المجهول، وأصبح الحديث عن تعمير قطاع غزة بعد أن تم تدميره من إسرائيل هو المشروع القادم لاستكمال تنفيذ خطة ترمب للسلام.

* *

هذا سلام مؤقت، واستراحة مقاوم لتحرير أرضه من الغاصب المحتل، وما لم يبدأ الشروع في تنفيذ قرارات ملزمة لإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، فالخطة تؤقت لحرب مؤجلة، وصراع جديد، وحروب لا تنتهي، واستقرار مهدد بعدوان من تل أبيب، بل توسع منها تنفيذاً لتحقيق إسرائيل الكبرى، باحتلال أراض جديدة في دول أخرى، بحسب ما تم الإعلان عنه من إسرائيل وتحديد مساحاته ومواقعه.

* *

الالتزام بمبدأ السلام يقوم على عدم حرمان أي شعب من حقوقه المشروعة، وامتداد لمنع أي دولة من الاستيلاء على ما ليس لها به حق في أراضي الدول الأخرى، وهذا يعني إبقاء إسرائيل في حدودها عام 1948م ومنعها من أي تمدد، أو أطماع، أو تفكير بأخذ مساحات من أراضي الغير بالقوة، وهي ليست لها، اعتماداً على دعم ومساندة وتعضيد الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية لها، وإمعانها في فرض عنصريتها، وصهيونيتها على شعب هو الآن تحت الاحتلال.

* *

أمس تم الإفراج عن الرهائن لدى حماس، وتأكد صدق والتزام الحركة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وكذلك فعلت إسرائيل، حيث فتحت سجونها المظلمة لأعداد قليلة بحسب الاتفاق، وبقي في السجون بما يربو على عشرة آلاف سجين يقضيها بعضهم مؤبداً، لأنهم قاوموا الاحتلال، وفق ما يسمح به القانون الدولي لتحرير أراضيهم، وإقامة دولتهم عليها، وطرد المحتل الغاصب منها.

* *

الرئيس ترمب لديه القدرة على إنهاء هذا الصراع الذي دام أمده، وطال زمنه، دون أن يوفر لإسرائيل الأمن والاستقرار، أو يوقف شعلة النضال الفلسطيني، وقوة المقاومة، رغم التضحيات الكبيرة، مع التأكيد بأنه لن يتغير هذا (السيناريو) ما بقيت إسرائيل تصر على احتلالها للأراضي الفلسطينية، وترفض خيار الدولتين، وتروّج كذباً وبهتاناً بأن إقامة دولة فلسطينية يعني تهديد وجود إسرائيل.

* *

الرئيس الأمريكي يقود -على ما يظهر- مشروعاً للسلام، ولكنه مشروع ناقص، ولا يلبي تحقيق آمال الفلسطينيين بإقامة دولة لهم على أراضيهم التي تنازعهم إسرائيل عليها بالاحتلال، والقوة، والمعاملة الكريهة لشعب تحت الاحتلال، ما يجعل من خطة ترمب للسلام بداية لمشروع أكبر وأوسع وأهم، وأعني بذلك إقامة دولة للفلسطينيين.

* *

وما يلفت النظر أن الرئيس الأمريكي لا يتحدث عن دولة فلسطينية، ولا يصطف أو يواكب الدول الأخرى في الاعتراف بها، ويحاول متى سُئل عن موضوع الدولة الفلسطينية الرد على السائل بالقول إن ذلك لا يمكن تحقيقه من طرف واحد، وهو هروب مكشوف في عدم وصول الرئيس ترمب إلى قناعة بدولة فلسطينية تقام على الأراضي المحتلة.

* *

لكن هذا التأييد لخطته، والترحيب بها، والتجاوب معها، من الفلسطينيين والعرب والعالم، ربما فتح شهية ترمب لإطلاق مبادرة جديدة، باتجاه إقامة دولة فلسطينية، يستكمل بها مشروعه للسلام، وهذا ما نتمناه من قائد وزعيم يتطلع لأن يكون رجل السلام الأول في العالم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد