: آخر تحديث

محسون جلال.. سفير الاقتصاد وخبير التصنيع

2
2
2

عبده الأسمري

وظف «محاسن» الفكر في صناعة «الفارق التنموي» فتجلى اسمه في فضاءات من «الدهشة» ظلت ناطقة في ميادين «الأثر» وسامقة أمام عناوين «التأثير».

استقرأ منعطفات «التنمية» ببعد نظر امتزج بالصواب والذكاء فكان «صانع الاقتصاد» الذي حول «النفط» من «ثروة قائمة» إلى «ضرورة مستديمة» موجها ً نظراته نحو «المستقبل» من زوايا منفرجة رسم منها دوائر «مبتكرة» لتحويل «الذهب الأسود» الثابت إلى «منتج» متحرك ومبتكر ومتطور من خلال «التصنيع» و»التنويع».

إنه ممثل السعودية الأسبق في صندوق النقد الدولي الدكتور محسون جلال - رحمه الله- أحد أبرز رجال الاقتصاد وأحد رواد التنمية الصناعية في الوطن.

بوجه «حجازي» زاهي «الملامح» تكسوه علامات الطيبة والألفة وتقاسيم «مكية» تقتسم من والده ومضات «الشبه» وتتقاسم مع أخواله بصمات «التشابه» وعينان واسعتان تسطعان بنظرات «الذكاء والدهاء» ومحيا أنيق يعتمر الأزياء الوطنية وشخصية أنيقة «الحضور» لطيفة التواصل حكيمة «القول» شيقة «اللفظ» وصوت ذو لكنة «حجازية» سائدة في مجالس الأصدقاء ومواطن الزملاء و»عميقة» بليغة في منصات «القرار» ومواقع الشور وكاريزما مزيجة من الود والجد تتكامل فيها روح الدعابة وبوح المهنية وحضور مجلل بالتميز ومكلل بالامتياز في المحافل العالمية والمنصات المحلية وتواجد مهيب على طاولات «الاجتماع» ومواقع «القرار» وتوازن فريد بين الإنضباط والمرونة ومخزون «علمي» نابع من «خبرة التدريس» و»خطط التأسيس» قضى محسون جلال من عمره عقودا وهو يعلي صوت «الوطن» في المنصات الدولية وفي المؤتمرات العالمية كرجل اقتصاد وعقل مرحلة ويرسم خرائط «التعلم» لأجيال الاقتصاد وصناع المستقبل أكاديمياً وخبيراً وقيادياً وريادياً شق طريقه باقتدار من «منطلق» الدوافع الى «أفق المنافع.

ولد «محسون» عام 1936 في أحضان عائلة كريمة ورثت المعرفة وتوارثت الثقافة وحظي باسمه «النادر» في المسمى و»الجميل» في الصدى بعد أن أطلقه عليه والداه إمعاناً في ارتباط الاسم مع الحظ وامتزاج المعنى مع السلوك فكان له «نصيبا مفروضاً» في ثنايا «الزمن» وسط مراحل عمرية لاحقة.

نشأ وتربى في «مكة المكرمة» بين ثنايا «الطهر» وعطايا «الشرف» وظل يعد «ليالي» الشتاء تحت ظلال «البدر» منتظراً اكتمال سنوات «العمر الأولى» تحت ظلال «الصفاء» الباكر الذي عطر وجدانه في ظل تربية أسرية مثلى قوامها «حسن الخلق» ومقامها «جوهر القيم».

تجرع محسون مرارة «اليتم» باكراً بعد وفاة والده وهو صغير فتلاطمت في ذهنه «أوراق المشهد الحياتي» وبدأ يشعر بفقدان «الأبوة» التي سد فراغاتها «زوج والدته «المهندس عبدالسلام حداد» والذي كان بمثابة «الأب الحاني» ومثوبة «الموجه المتفاني».

حرصت والدته والتي كانت من وجيهات «جيلها» على حسن تربيته وعلى تعويضه عن «رحيل» الأب بمخزون وافر من «العطف» ومكنون وفير من «الحنان».

ركض محسون مع أقرانه بين حارات شعب عامر والحجون والقشاشية وتعتقت نفسه بنفائس «السكينة» في جنبات البيت العتيق وتشربت روحه أنفاس «الروحانية» في ساحات الحرم المكي وتسربت إلى أعماقه مشاهد الطمأنينة وظل يبهج نهاراته بالمكوث أمام «الحطيم» مراقباً حشود «الطائفين» والركع السجود في «شواهد» بيضاء غمرت ذهنه برياحين «الذاكرة».

على مر سنوات متعددة اعتاد محسون انتظار «ساعات» الأصيل حتى قدوم «ساعي البريد» الذي كان يوزع «المجلات الثقافية العربية» على مراكيز مكة وظل ينهل منها بنهم ثقافات «الشعوب» ومقالات «العباقرة» فتشكلت في طريقة أولى «خرائط» اليقين والمضي على دروب «التمكين» مولياً قبلة أحلامه شطر «التفوق».

درس محسون بالمدرسة الرحمانية في مكة «الشهيرة بتخريج الأدباء والفقهاء والبارعين وأنهى دراسته بنجاح ثم التحق ببعثة إلى مصر لدراسة الطب عام 1956 إلا إنه غير تخصصه بعد عام إلى كلية التجارة ودرس الاقتصاد الذي كان يحبه منذ الصغر وتخرج عام 1961 بامتياز، وكان ترتيبه الأول ونال مرتبة الشرف الأولى وعاد إلى السعودية وعمل معيداً في جامعة الملك سعود ثم تم ابتعاثه إلى «جامعة رتجرز» الأمريكية وحصل على الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد عام 1967 كواحد من أول ثلاثة سعوديين ينالون الدرجة العلمية وبعد انهائه لدراساته العليا عمل أستاذا بجامعة الملك سعود بالرياض من عام 1967 إلى سنة 1975 ثم تم تعيينه نائبأ للرئيس وعضواً منتدباً بالصندوق السعودي للتنمية عام 1975. ومثل المملكة العربية السعودية لدى صندوق النقد الدولي كمدير تنفيذي من عام 1978 حتى 1981 .

وفي سنة 1969 أسس محسون أول مكتب سعودي للاستشارات الاقتصادية والتسويقية.

وتقلد منصب مستشار غير متفرغ لدى مركز الأبحاث والتنمية الصناعية خلال الفترة (1969 - 1972.) وعُين عضواً في اللجنة الفنية للمجلس الأعلى للبترول وعضواً في المجلس الأعلى للخدمة المدنية. وعمل بشكل مميز في عدة لجان استشارية حكومية وخاصة.

وتولى رئاسة مجلس إدارة البنك السعودي للاستثمار مدة 5 سنوات، ورئاسة صندوق الأوبك للتنمية الدولية مدة 3 سنوات، ورئاسة البنك السعودي التجاري المتحد أربع سنوات من عام 1981 إلى عام 1985، والشركة الشرقية للبتروكيماويات من (1981 - 1986 ) وعضو مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عشر سنوات.

وقام بتأسيس شركة التصنيع الوطنية وتولى رئاسة مجلس إدارتها والعضو المنتدب لها في الفترة من 1984 -1993. وقد أنشات تلك الشركة عدداً من الشركات للتنمية الصناعية في مجالات مختلفة منها الشركة الوطنية للصناعات الزجاجية (زجاج) التي تولى رئاسة مجلس إدارتها والعضو المنتدب من عام 1988 وحتى عام 1995، وقامت شركة زجاج بإنشاء مصنعين للقوارير الزجاجية وأكبر مصنع للزجاج المسطح في الشرق الأوسط مشاركة مع شركة «جارديان» الأمريكية باسم شركة «جلف جارد» وتولى رئاسة مجلس إدارتها خلال الفترة (1992- 1995).

وشغل محسون عضوية مجلس إدارة البنك السعودي العالمي بلندن، ومنصب رئيس مجلس إدارة الشركة التونسية السعودية للاستثمار الانمائي خلال الفترة (1981 – 2000) ورئيس مجلس إدارة شركة منتزه طبرقة (1996 – 2002)، وعضو مجلس إدارة ومشرف عام المشاريع في شركة المجموعة السعودية للاستثمار (تونس) 1996 - 2002، وعضو مجلس إدارة ومدير عام شركة منتزه شواطئ قرطاج (تونس) ورئيس وعضو مجلس إدارة عدد من الشركات الصناعية وشركات الاستثمار.

وساهم في استقطاب رؤوس أموال سعودية من القطاع الخاص للاستثمار في عدة مشاريع في قطاعات اقتصادية مختلفة بتونس

ورغم مسؤولياته الجسام إلا أنه عاشق للمعارف والتأليف وقد أصدر ثلاثة مؤلفات وهي مبادئ الاقتصاد وخيار التصنيع وكتابة الأشهر زراعة البترول.

توفي محسون جلال عام 2002 ودُفن في تونس، في مدينة سيدي بوسعيد. وقد رثاه الدكتور غازي القصيبي في قصيدة شهيرة ونعته الكثير من المنصات ويدين له الكثير من تلامذته في جامعة الملك سعود وغيرها بما قدمه لهم من أصول وفصول في مجال التعليم والمعرفة.

محسون جلال.. خبير النفط وسفير الاقتصاد ووجه التميز الأكاديمي وعقل التمثيل الدولي الذي ترك بصماته جلية في مناهج الاقتدار، وأبقى منجزاته ساطعة في قوائم «الكبار».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد