: آخر تحديث

إنَّه المنتخب السعودي!

2
2
2

في الوقت الذي كنت أفكر فيه بمواجهة منتخبنا السعودي أمام المنتخب الإندونيسي، وكيف وصلنا إلى الحال الذي باتت فيه مثل هذه المباريات تشغلنا قبل موعدها بوقت طويل، بعد أن كان الفوز فيها وبكمية وافرة من الأهداف مسألة وقت؛ مرت علي تغريدة لصديقي المؤدب والأديب محمد الجنيني يذكر فيها قصة اليكس فيرجسون مع لاعبي مانشستر يونايتد حين انتهى الشوط الأول من مواجهة للفريق أمام توتنهام بتأخر بهدفين نظيفين أمام فريق كان حينها أضعف من أن يفعل ذلك في شياطين ذلك الوقت، حينها قال السير محفزًا لاعبيه ومذكرًا إياهم بقدرهم وقدر خصمهم: "شباب .. إنهم توتنهام!"، هذه العبارة كانت بمثابة الماء البارد الذي سكبه السير العجوز على وجوه شياطينه ليعودوا في الشوط الثاني ويمطروا شباك توتنهام برباعية أعادوا فيها الأمور إلى نصابها!.

  هذه القصة الحقيقية التي وثقها روي كين قائد مانشستر في تلك الفترة في مذكراته تؤكد أنَّ المدرب ليس مجرد جهاز أصم يستولد الخطط والتشكيلات الفنية؛ بل هو قائد وأب روحي ومعالج نفسي إن استلزم الأمر، وعليه أن يذكر كتيبته بما كان وبما هو بالإمكان في كل زمان ومكان!.

  بين احترام الخصم والرهبة منه خيط رفيع، وبين تقديره التقدير اللازم أو إعطائه أكبر من قدره فرق كبير يحدد هوية اللاعبين وشخصيتهم، والمنتخب الإندونيسي مع تطوره وبكتيبة مجنسيه والمستقطبين من الخارج بروابط الأصول والأجداد والـDNA لا يزال أقل من أن يعجز المنتخب السعودي العريق للمواجهة الثالثة على التوالي عن هزيمته، وهو المنتخب الذي لا يزال يخسر أمام المنتخبين الياباني والأسترالي بالستة والخمسة؛ مؤكدًا أنَّ مشكلتنا معه لم تكن في تطوره؛ بل في تراجعنا!.

وعلى الرغم من تطوره وتراجعنا فإن موازين القوى الفنية لا تزال تصب لصالح الأخضر، وكل مجنسي المنتخب الإندونيسي لا يمكن أن يحجزوا خانة في دكة احتياط آخر فريق في ترتيب دوري روشن، بينما وإن لم نكن في أفضل حالاتنا على مستوى العنصر المحلي؛ إلا أنَّنا لانزال نملك لاعبين قادرين على تجاوز المنتخبين الإندونيسي والعراقي أيضًا، والتأهل إلى مونديال أميركا؛ لكن هؤلاء اللاعبين بحاجة إلى من يذكرهم بأنفسهم، وبمن يمثلون، ويفجر قدراتهم، ويعزز ثقتهم بأنفسهم، ويقول لهم: "إنه المنتخب الإندونيسي!"، أو على الأقل أن يذكرهم: "إنكم المنتخب السعودي!".

  لسنا في أفضل حالاتنا؛ لكنا لم نصل لدرجة الهزيمة النفسية والاستسلام والتسليم لواقع لا نزال نملك القدرة على تغييره وتحسينه، وحالة الإحباط و تكسير مجاديف الأخضر وعناصره أمر يجب أن يتوقف إعلاميًا وجماهيريًا، والمنتخب عناصريًا لا يزال يملك الأدوات التي تستطيع أن تحقق الحد الأدنى من طموحاتنا على الأقل، فلا يزال لدينا سالم الدوسري أفضل لاعب في القارة الصفراء، ولدينا ناصر الدوسري الذي وقف شامخًا في كأس العالم أمام ريال مدريد ومانشستر سيتي، ولدينا تمبكتي الذي وقف في مونديال الأندية في وجه أعتى مهاجمي العالم، وسعود عبدالحميد القادم من لانس الفرنسي بعد تجربة مع روما الإيطالي، ومتعب الحربي أغلى لاعب سعودي، وعلي مجرشي وزياد الجهني وفراس البريكان الذين حققوا مؤخرًا اللقب الآسيوي مع الأهلي، وأيمن يحيى ونواف بوشل المتألقان في قائمة النصر الأساسية، والواعدان مصعب الجوير وصالح أبو الشامات، ومهند آل سعد ومروان الصحفي المحترفان في لوزان السويسري ورويال انتويرب البلجيكي، ونجوم آخرون قادرون على الحضور في مثل هذا المعترك الصعب كالحمدان والشهري والعبود، وبقيادة مدرب هزم الأرجنتين يومًا ما بكتيبة لا تعادل قيمتها الفنية والسوقية قيمة لاعب واحد في قائمة بطل العالم؛ لكنها كتيبة امتلكت ذلك اليوم الثقة والإصرار والشخصية والرغبة في القتال إلى آخر ثانية، وهو أكثر ما يحتاجه الأخضر اليوم!.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد