حمد الحمد
كتب أستاذنا حسن العيسى، مقالاً عن موضوع غير مرغوب فيه، ألا وهو (الموت)، وهو يرى الذين يرحلون من حوله من دون رجعة... هذه سُنّة الحياة كلما تكبر بالعمر تتعايش مع هالحقيقة.
سمعت مرّة أحد المعممين في برنامج إذاعي يقول «في الموت حكمة... تصور لو ليس هناك موت، لوجدت في منزلك حتى جدك السابع عليك أن تتعايش معهم».
وأذكر جارنا أبوراشد وهو أعمى ولا ذرية له، يخرج من منزله يتعكز على عصاته، وكنت أرافقه للمسجد. وقيل له ذات يوم عندما كان فتى، إن مرضاً أصابه عجز عن مداواته الأطباء، لهذا طلب والده من أقاربه الحضور لوداعه الأخير... يقول لي إنه كان مستلقياً على الفراش وكان يلمح عيون المودعين، الأعمام والعمات والأخوال والخالات، ولكن بعد حين شفي وكبر، ومع مرور الأيام راح يدفن كل مودعيه واحداً واحداً وعمر حتى الثمانين.
وأذكر في المدرسة الابتدائية، وصلنا خبر أن أحد المدرسين قد توفي، وما كنا نعلم أنه حتى المدرسين يموتون، وكان مدرساً طيباً، ولكن البعض تمنى لو أخذ الموت مدرساً آخر، كان لا يدخل الفصل إلّا ومعه عصاته الغليظة يمارس ساديته بالضرب من دون سبب.
وقرأت أن في الهند هناك قرية أفرادها يجتمعون كل 100 سنة مرة واحدة، لهذا إذا كان من بين المجتمعين سيدة وعلى ذراعها رضيعها احتمال يحضر الاجتماع المقبل أو لا.
من كم سنة كنت أرقد في مستشفى بسبب تسمم من أكل بأحد المطاعم، وكان بيني وبين مريض آخر ستارة، وكنت أسمع المريض وهو كبير بالسن يقول لمن يزوره «دايم يدعون لنا بطول العمر، وشوف الحين طول العمر شسوى فينا».
قبل شهر التقيت مع شخص لا أعرفه، وعندما عرف اسمي سألني عن أحد أفراد عائلتنا الكبار في السن... قلت له توفي من أشهر هنا قال «الله يرحمه كان زميلي بالدراسة والعمل».
وتابع «هذه الأيام نحن كبار السن العزاء في المقابر منعنا من تعزية القريب والصديق والعزيز».
هنا تذكرت أنني أرسلت إلى بلدية الكويت منذ شهرين مقترحاً في خدمة تواصل في تطبيق «سهل» بشأن إعادة تنظيم العزاء في المقابر من أجل عودة العزاء إلى الدواوين التي أصبحت مهجورة، وجاء الرد من البلدية أن الطلب تحت الدرس، وليومنا هذا لم يصل لا رد ولا ما يحزنون ولا حتى شربت!
هذه سُنة الحياة وما علينا إلا أن نترحم على من يغادرنا، وأطال عمر كاتبنا القدير الأستاذ حسن العيسى.