: آخر تحديث

التودد للمملكة لا يكفي؟!

1
1
1

خالد بن حمد المالك

يحاول حزب الله في لبنان على لسان أمينه العام نعيم قاسم التقرّب إلى المملكة بعد سنوات من الإساءات والتآمرات التي قام بها الحزب ضد المملكة العربية السعودية، فمن تهريب للمخدرات والأسلحة إلى المملكة، إلى البذاءات في خطابات أمين الحزب السابق حسن نصرالله، ومن دعم الحوثيين في استهداف المدنيين في عدد من مدن المملكة، إلى كثير من الممارسات التي أضرت بلبنان أكثر مما ألحق ضررها للمملكة القوية المستعدة لمواجهة كل من يسيء إليها، بما في ذلك حزب الله.

* *

كان الحزب ذراعاً للغير، وضد المملكة والقضية الفلسطينية، وإن ادّعى أنه حزب مقاومة دفاعاً عن فلسطين، فيما هو ينفذ ما يطلبه أعداء المملكة والمتآمرون على حقوق الفلسطينيين، بما هو معلوم ومكشوف، وما كان الحزب ليعلن على لسان أمينه نعيم قاسم عن رغبته في تحسين العلاقة مع المملكة، التي يفترض أن يحسن أولاً علاقاته مع الشعب اللبناني، فلا يتآمر على وحدته واستقلاله، ولا يرفض تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، حتى وهو في حالة إنكسار وهزيمة.

* *

كانت المملكة ضد الحزب في لبنان منذ أمد، وهو موقف معلن وثابت، ودوافعه أن بلادنا التي احتضنت الأحزاب اللبنانية مع الحكومة في الطائف، وأنهت باتفاق الطائف الحرب اللبنانية، ووضعت لبنان على سكة التفاهم والتعاون ونبذ الفرقة والتوجه نحو السلام، وبالتالي لا يمكن للمملكة أن تقبل بتمرد حزب الله على الحكومة اللبنانية، والاستقواء على النظام، وتهديد الأمن في البلاد، وتالياً أن يكون ذراعاً لدى الغير لضرب مصالح لبنان، وأخذ لبنان رهينة ليكون مصدر تهديد للدول العربية، تنفيذاً لأوامر خارجية.

* *

لقد عزز الحزب قوته بالكثير من اللبنانيين لينخرطوا في ميليشياته، فقتلوا الكثير من خصومهم في الأحزاب الأخرى، مستقوين بقوتهم العسكرية، بل وصل بهم الأمر إلى احتلال بيروت في واحدة من السنوات السوداء الكثيرة في لبنان، وما كان لدى الجيش أو الأحزاب الأخرى القدرة على منعهم والدخول في حرب معهم لفارق الإمكانات، وهذا مبعث الموقف السعودي الحازم من الحزب.

* *

الآن وأمين حزب الله يعلن عن توجهه بفتح حوار مع المملكة، وفتح صفحة جديدة معها، هو يجهل أن الحوار يكون بين الدول وليس بين دولة وحزب، وبالتالي فالمملكة يكون حوارها مع جمهورية لبنان، وعليه وقف دعمه للإرهاب، وتسليم السلاح إلى الجيش، وأن يتحول إلى حزب سياسي مثله مثل باقي الأحزاب، ويترك للدولة صلاحياتها في حماية البلاد، وتحرير ما احتلته إسرائيل من أراض لبنانية ضمن حربها على حزب الله، وهذا يقتضي تحرير الحزب وتجريده من السلوك العدواني ضد اللبنانيين والمملكة ودول أخرى، ونتمنى أن يكون ذلك بداية لتصحيح الوضع في لبنان.

* *

إن هذه المبادرة من الحزب يجب أن تتجه إلى الدولة اللبنانية على ما يشوبها من شك في حسن النوايا، ويمكن أن تتحول إلى برنامج لمعالجة انحراف الحزب عن الطريق الصحيح لبناء الدولة اللبنانية، بعيداً عن الارتهان والإملاءات الخارجية التي لا تصب في مصلحة لبنان، ولن تكون المملكة طرفاً إلا في التعامل مع لبنان الدولة، ومثلما سهلت انتخاب رئيس الجمهورية واختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، فلعلى الحزب أن يتجاوب مع قرارات الحكومة، وإنجاز ما فيه مصلحة للبنان، وخاصة في مسألة تسليم سلاحه حتى لا يعطي حجة لإسرائيل لمواصلة اعتداءاتها على لبنان، مع التأكيد بأنه لا قيمة لكلام أمين حزب الله، ولن يكون له تأثير ما لم يتم تسليم السلاح المنفلت خارج النظام وسلطة البلاد إلى الجيش اللبناني.

* *

نتمنى أن يكون حزب الله قد أدرك خطأ ممارساته، وأنه يقبل الآن عن قناعة بما تطالبه به الحكومة اللبنانية، ويستسلم لواقعه الحالي، فلا يعاند، ولا يكابر، ولا يأخذ بسياسات أنه دولة داخل دولة، بما أضر بمصالح لبنان، وأبعده عن محيطه العربي، وتالياً ذاق الحزب مرارة نتائج السياسة التي انتهجها، وعرَّض مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني الشقيق للخطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد