: آخر تحديث

الهيئة التي تأخّر حلها عشر سنوات

0
0
0

أقرّ مجلس الأمة، بـنوابه ووزرائه، عام 2010، قانون إنشاء هيئة الطرق والنقل البري، لتقوم بمهام صيانة الطرق السريعة، وإنشاء وإدارة خطوط المترو والسكك الحديدية، وتخطيط وإنشاء شبكة الطرق البرية، وإجراء الفحص الفني للمركبات، وإصدار تراخيصها، وتركيب وصيانة الإشارات المرورية، وتوفير وإدارة مواقف السيارات والشاحنات، والإشراف على تعليم قيادة السيارات، وعلى مراكز وزن الشاحنات، وإدارة مدرسة تعليم القيادة، ووضع العلامات المرورية، والإشراف على النقل الجماعي، داخل البلاد وخارجها، والإشراف على المركز الحكومي للفحوصات وضبط الجودة... إلخ (!!).

ما أن باشرت الهيئة عملها حتى اعترض على صلاحياتها وزراء الأشغال والبلدية والداخلية والمواصلات أنفسهم، الذين سبق أن صوتوا بالموافقة على قانون تأسيسها، حيث عارض جميعهم التخلي عن أي من مناطق نفوذهم للهيئة الجديدة، فحكموا عليها بالموت، منذ اليوم الأول، فدخلت الهيئة العناية المركزة، ولم تخرج منها، إلى أن قام مجلس الوزراء، بعد أكثر من عشر سنوات على مطالباتنا، بحلها، للتوسّع غير المعقول لمسؤولياتها، التي لا توجد كفاءات كافية لإدارتها.

صرفت الدولة على الهيئة عشرات ملايين الدنانير، «ضاعت في الهوا شاشي»، دون أي نتيجة إيجابية واحدة، مع استمرار رفض مختلف الجهات والوزارات المعنية نقل تبعية 19 إدارة واختصاصاً تتبعها للهيئة، ما دفع النائب السابق رياض العدساني للتساؤل عن جدية إنشاء الهيئة، لكنه لم يجد من يجيبه عن تساؤلاته المشروعة، ومن يومها واللغط يدور حول جدية عمل «المركز الحكومي للفحوصات وضبط الجودة»، الذي كان وربما لا يزال يتبع وزارة الأشغال، وهو المركز الذي كان له دور سلبي خطير في مأساة الطرق، التي عانينا منها جميعاً في كل أنحاء الدولة، على مدى أكثر من عشر سنوات، والسبب رداءة إدارة تلك الجهة، التي فشلت في أن تبيّن للرأي العام عدم توافر أجهزة الفحص والرقابة اللازمة لديها، ولا حتى الخبرة أو القدرة على متابعة جودة المواد، التي كانت مصانع القطاع الخاص للخلطات الأسفلتية تنتجها، بسبب شراسة الجهات التي كانت مستفيدة من ذلك الوضع الخرب، ولا يزال بعضها يُمني النفس بعودة تلك الأيام. وأتمنى أو أعتقد أن وزيرة الأشغال نورة المشعان قد تلافت ذلك النقص الخطير.

من كل ذلك رأينا كيف رفضت كفاءات معروفة، من بينها المهندس عبداللطيف الدخيل، قبول مسؤولية إدارة جهة محكوم عليها بالموت، منذ اليوم الذي أصدر فيه مجلس الأمة قانون إنشائها، مع علم من كان حاضراً يومها، من نواب ووزراء، أنها هيئة فاشلة، كمثلها الكثير. فقصة إنشاء هيئة الطرق والنقل البري مثال للتخبط الحكومي، وتضييع الجهد والوقت والمال، من دون جدوى، وعنوان للتسيب الإداري المؤسف، وبعض من كانوا وراء تأسيسها لا يزالون منشغلين بإرسال رسائل «جمعة مباركة»!

وبهذه المناسبة، نشيد بقرار وزيرة الأشغال المتعلق بإحالة مسؤولين سابقين وحاليين، قبل حل الهيئة، للمحاكمة التأديبية في ديوان المحاسبة، بسبب مخالفات مالية، إن ثبتت عليهم التهمة، وفق تقرير لجنة التحقيق المحايدة، التي شكّلتها الوزيرة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد