عبدالرحمن الحبيب
الحديث عن الإنجازات المذهلة والاستثنائية التي تحققها المملكة العربية السعودية ليست حديثاً إنشائياً، بل إن لغة الأرقام تثبتها؛ والأرقام ليست ما تعلنه سجلات الجهات المحلية فقط بل البيانات والمقاييس والمؤشرات العالمية تؤكدها. تتحقق هذه الإنجازات في كافة المجالات، مما يجعل من الصعب حصرها، ولكن لنأخذ بعض المجالات على سبيل المثال لا الحصر.
فوفقًا لتحليل مجلة فوربس لعام 2024، تحتل المملكة العربية السعودية الأولى عربيًا وإسلاميًا، والمرتبة التاسعة عالميًا كأقوى دولة، بعد الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الأولى، ثم الصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وفرنسا واليابان؛ حيث يقدم التحليل تفصيلًا للمؤشرات التي تترتب عليها الدول في مراكز القوى على الساحة العالمية، متضمنًا جوانب متعدّدة مثل قوة قادة الدولة، والتأثير السياسي، والموارد الاقتصادية، والقوة العسكرية، والتحالفات الدولية.
من بين الركائز العديدة لرؤية 2030، يعد التنوع الاقتصادي ركيزة أساسية، مع نمو الإيرادات غير النفطية بشكل مطرد، مثل الاستثمار الرأسمالي والتكنولوجي، والسياحة والترفيه، وتطوير مناطق الجذب السياحي مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر، والتي تجذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم. ففي عام 2023 تحسنت الإيرادات غير النفطية إلى 458 مليار ريال نتيجة تحسن أداء الأنشطة غير النفطية، التي نمت بمقدار 4.4 بالمائة، ثم ارتفعت إلى 503 مليار ريال لعام 2024 (أرقام، 2025).
ساهمت هذه الجهود وغيرها في تعزيز مكانة المملكة العالمية، وتأكيد قدرتها على إحداث نقلة نوعية للقوى العاملة في القطاع الخاص التي بلغت 12 مليون عامل، فلأول مرة، حققت المملكة رقمًا قياسيًا في عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص الذي ارتفع عددهم خلال 4 سنوات من 1.7 مليون إلى 2.4 مليون بنهاية عام 2024، مما أضاف 700 ألف وظيفة جديدة للمواطنين (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية).
وبحسب التقارير الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) لعام 2024، حققت المملكة قفزات نوعية عالمياً، حيث حصلت على تصنيفات متقدمة في مؤشرات ترتيبات العمل المرنة، وسهولة إيجاد الموظفين المهرة في سوق العمل، والمساواة في الأجور بين الجنسين للعمل المماثل.
في المجالين الرقمي واللوجستي، نجد أن المملكة العربية السعودية تحظى بمراكز متقدمة، وفي بعضها تنال المركز الأول عالمياً. ففي مؤشر أجيليتي اللوجستي للأسواق الناشئة 2025، تقدمت السعودية إلى المرتبة الرابعة عالميًا بفضل الاستثمارات الضخمة في القطاع اللوجستي، والتحول الرقمي في التجارة، والتركيز على تحسين جودة المعيشة.
تُصنف المملكة ضمن أفضل 50 سوقًا ناشئًا، وتتقدم في جميع الفئات الأربع للمؤشر: فرص الخدمات اللوجستية المحلية والدولية، وركائز ممارسة الأعمال، والجاهزية الرقمية. وهذا المؤشر يعكس قوة أساسيات ممارسة الأعمال والجاهزية الرقمية في المملكة، وتحسن بيئة الأعمال تضع السعودية كمركز استثماري ولوجستي قوي يربط بين ثلاث قارات، ويحقق التنوع الاقتصادي.
كما تشير البيانات إلى تقدم كبير للمملكة في مؤشرات أخرى مثل مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، إذ حققت المملكة قفزة نوعية، لتصبح ضمن الدول الرائدة عالمياً حيث تحتل المركز الأول إقليمياً، والثاني على مستوى مجموعة العشرين، والمركز الرابع عالمياً في مؤشر الخدمات الرقمية. وكذلك تقدمها في مؤشر نضج التجربة الرقمية الصادر عن هيئة الحكومة الرقمية لعام 2025، حيث بلغ المؤشر 86.71 % بمستوى متقدم.
إن التقدم المستمر الذي تحققه رؤية المملكة 2030 على أرض الواقع يشهده الجميع في كافة مجالات الحياة، بما في ذلك أمنها وأمانها، واقتصادها المزدهر، وتحسن جودة الحياة، والإصلاحات الاجتماعية والمبادرات البيئية، والتميز في العلاقات الدولية، وتقدمها بين أفضل دول العالم في العديد من المجالات. كل ذلك كان نتيجة لاستغلال مصادر القوة غير النفطية للمملكة، ومن أهمها، كما ذكر قائد هذه الرؤية العظيمة، الأمير محمد بن سلمان، ثلاثة: الأهمية العظمى للحرمين الشريفين، والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة، وقوتها الاستثمارية.
حالياً تحقق المملكة معظم أهداف رؤية 2030، بل تجاوزت بعضها لتضع أهدافًا جديدة بطموح أكبر، وتسير بخطى واضحة نحو مزيد من الرخاء، جاعلةً المملكة من أقوى اقتصادات العالم، كما سبق أن ذكر سموه ولي العهد محمد بن سلمان بأن المملكة حققت أسرع نمو في الناتج المحلي، وهي الأسرع نمواً من بين دول مجموعة العشرين، والتوجه لتكون من أقوى اقتصادات العالم.