: آخر تحديث

في كياني: اليوم الوطني السعودي

11
10
11

ناهد الأغا

من سورية إلى الرياض الحنونة، كنت أتيت غريبة عن الأمكنة وعن الشمس التي تتسلَّل بين الأبنية، أحمل معي حقيبة صغيرة مليئة بالذكريات، وقلبي مثقل بالأمل في وطن يحتضنني.

ومع أول احتفال باليوم الوطني حضرته، شعرت بشيء ما في الداخل ينفتح، كأن قلبي اكتشف وطنًا جديدًا ينبض بجانبي، كأنه يعرفني منذ زمن.

أتذكر صور الاحتفالات الأولى، أصوات الموسيقى التراثية التي تتغلغل في أركان المدينة وقلبي يرفرف كما يرفرف العلم فوق الأبنية العالية. كنت أجلس في السيارة وهي تمشي ببطء بين الشوارع، والأناشيد تعانق ألحان الأرصفة، والأعلام ترفرف كأجنحة الطيور في السماء، تلمس وجوه المارين بفرح ودهشة.

في هذا الليل، كل شيء ينبض بالحب، كل صوت، كل ابتسامة، كل ضوء فوانيس، يشعرك بأن الانتماء عهد طويل ممتد بالحب والوفاء.

مع مرور السنوات، رأيت الاحتفالات تتغيَّر، تتوسَّع، وتكبر معها أحلام الوطن وأحلامي. الساحات تحولت إلى مسارح حيَّة، ألوان وأضواء وموسيقى تتشابك في لوحة نابضة، العروض المسرحية والموسيقية والفنية والثقافية تحكي حضارة الأرض، والمهرجانات تصنع تجارب تجعل كل من يشارك فيها جزءًا من قصة الهوية والانتماء. كل احتفال أصبح بابًا للدهشة، كل علم يرفرف، كل ابتسامة تصنع لحظة خاصة، تجعلني أشعر بأن قلبي جزء من نبض هذه الأرض مع رؤية 2030، شعرت بأن الوطن يفتح نافذة على المستقبل، نافذة تحمل الأمل والطموح، مدن تتنفس الثقافة في كل زاوية، أسواق تتوهج بالإبداع، ومهرجانات تصنع تجارب حيَّة تعكس تنوّع المملكة وغناها الحضاري، الأطفال يكتبون رسائل حب للغد، الشباب ينسجون عروضًا رقمية، والكبار يهمسون بالذكريات التي شكَّلت هويتهم. كل لحظة تجربة تعليمية وحسية في آن واحد، رحلة تتعمَّق فيها الهوية، وتنمو فيها المسؤولية.

اليوم الوطني يمشي كقصة حيَّة بين الماضي والحاضر، بين التقاليد والابتكار، كل خطوة، كل ضحكة، كل لمسة، تحمل رسالة حب وانتماء. الأجيال تتناوب على كتابة الفصول الجديدة: رسائل الأطفال تلمع كنجوم صغيرة، حكايات الشباب تتوهج بالألوان، وذكريات الكبار تمطر الحكمة والوفاء، الساحات مضاءة بعروض ضوئية تأخذنا إلى المستقبل والأمكنة تمزج بين التراث والحداثة، وكل احتفال يجمع بين الفخر بالحاضر والحلم بالغد.

ثلاثون عامًا وأنا أعيش بين ثنايا هذا الوطن العظيم، أحضر كل يوم وطني كأنني أقرأ فصلًا جديدًا من رواية لا تنتهي..

أدعو الله أن يحفظ المملكة قيادةً وشعبًا، أن يظل الوطن عامرًا بالأمن والسلام، وأن تبقى أيّامها الوطنية قصص فخر لا تنتهي، وأن تظل رايتها شامخة ترفرف في سماء كل قلب سعودي، لتذكر الجميع بأن الانتماء والحب والوفاء رحلة مستمرة، لا يكتب لها نهاية، وأن الحلم السعودي يظل حاضرًا في كل لحظة، في كل ابتسامة، وفي كل يوم وطني جديد.

كل عام والمملكة العربية السعودية بخير وعز وفخر، كل عام وأرضها الطيِّبة عامرة بالازدهار، وشعبها الوفي يرفل بالحب والانتماء، وقيادتها الحكيمة تواصل المسيرة نحو المستقبل المشرق.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد