تغريد إبراهيم الطاسان
ونحن نعيش ذكرى اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين، تتجدد معاني الاعتزاز بالوطن، ونستحضر كيف أن «عزنا بطبعنا» لا يقف عند حدود القيم والمبادئ، بل يمتد ليشمل الطموح والإنجاز والقدرة على المنافسة عالميًا.
ومن هنا، تأتي الجوائز المحلية والدولية كأداة فاعلة لإبراز قدرات الوطن، ورفع اسمه عاليًا في المحافل، وتكريس روح الإبداع التي تميز أبناءه. فالجوائز ليست مجرد لحظة تكريم، بل هي رافعة للقدرات، ومحفّز لابتكار أدوات جديدة، ومسار لبناء شخصية الشباب في زمن التحديات.
في بلادنا، شكّلت الجوائز الوطنية التي ترعاها الوزارات والمؤسسات، مثل وزارة الثقافة والإعلام، منصة لتحفيز الوسط الثقافي والإعلامي ودفعه نحو التجديد وصناعة محتوى يليق بحجم التحولات التي تعيشها المملكة. فهي لم تكتفِ بالتكريم، بل وضعت معايير للابتكار والجودة والالتزام بالقيم الوطنية، مما جعل الفوز بها شهادة ثقة واعتراف بالتميز.
أما جائزة الأميرة صيتة للعمل الاجتماعي، فهي نموذج آخر على كيف يمكن للجائزة أن تتجاوز إطار الاحتفال لتصبح منصة فكرية وتطبيقية؛ فقد أسهمت في إبراز المبادرات الاجتماعية الرائدة، ووفرت بيئة تنافسية تُسهم في بناء مجتمع واعٍ متكافل، وتدفع الأفراد والمؤسسات لابتكار حلول لمشكلات اجتماعية ملحّة. وهكذا تتحول الجوائز الوطنية إلى رافعة داخلية تُعبر عن التزام المملكة في رؤيتها 2030 بتحويل الطاقات المبدعة إلى منجزات ملموسة.
وإذا اتسع الأفق إلى المستوى الدولي، فإن الجوائز التي تُمنح في دبي والشارقة مثل «جائزة الشارقة للثقافة العربية» أو «جائزة دبي للإعلام والاتصال»، فضلًا عن الجوائز الكبرى التي تقدمها اليونسكو، أو مسابقات البحث العلمي مثل «آيسف» (Intel ISEF)، كلها تؤكد أن الجوائز تحولت إلى جواز سفر للقدرات الوطنية نحو العالمية.
وقد غدا فوز شبابنا في هذه المحافل رسالة واضحة: أن عزّ الوطن يُصنع بسواعد أبنائه، وأن طموحهم هو الامتداد الطبيعي لشعار «عزنا بطبعنا». وما بين محافل الداخل والخارج، يصبح اليوم الوطني مناسبة لقراءة هذه النجاحات كجزء من مسيرة وطن يرفع أبناءه على المنصات كما يرفع رايته في السماء.
الجوائز ليست هدفًا في ذاتها، وإنما وسيلة لرفع معايير الأداء. فالمؤسسة التي تضع لنفسها خطةً للمشاركة في الجوائز، ستضطر إلى تحسين أنظمتها الداخلية، وتطوير معايير الجودة، وبناء فرق عمل قادرة على الابتكار.
وحين تصبح الجائزة جزءًا من الثقافة المؤسسية، فإنها تشعل روح التحدي البنّاء بين الموظفين، وتشجع على الإبداع الجماعي، وتحفّز على المراجعة الدورية للأداء.
إن تفعيل ثقافة الجوائز يتطلب أولاً نشر الوعي بأهميتها، وثانيًا بناء منظومات تقييم داخلية تحاكي معايير الجوائز الكبرى، وثالثًا تحويل التنافس إلى قيمة إيجابية متجذرة في بيئة العمل. وبهذا، تتحول الجوائز من ترفٍ إلى ضرورة استراتيجية.
بالنسبة لشبابنا، فإن الجوائز تحمل أثرًا مضاعفًا. فهي تُعرّفهم بقيمة المنافسة الشريفة، وتدرّبهم على السعي نحو الكمال دون خوف من الفشل. فالمشاركة في جائزة علمية أو ثقافية تُكسب الشاب مهارات القيادة والعرض والإقناع، وتغرس فيه قيم الطموح والإصرار.
وفي مناسبة اليوم الوطني، يصبح استذكار هذه الرحلة تأكيدًا على أن الوطن لا يزدهر إلا بطموح أبنائه، وأن الجوائز إحدى أدوات صقل شخصياتهم المتوازنة والواثقة. إنها ليست مجرد فرصة للظهور، بل مختبر حقيقي لصناعة الشخصية السعودية الجديدة: واثقة، منضبطة، ومبدعة.
إن الجوائز المحلية والدولية ليست مناسبة عابرة، بل هي منظومة تغيير متكاملة تُحرك الوسط، وتُبرز القدرات، وتُطور الأدوات، وتزرع في المؤسسات ثقافة التميز، وفي الشباب قيمة الطموح.
وبينما تتسع رقعة الجوائز وتتنوع مجالاتها، تبقى مسؤوليتنا أن نحسن توظيفها لنحوّلها من حدث تكريمي إلى أداة تنموية تُسهم في صياغة مستقبل أفضل.
وفي اليوم الوطني 95، ندرك أن «عزنا بطبعنا» هو الأساس، لكن عزّنا لا يكتمل إلا بطموحنا وجوائزنا. فالجوائز ليست بروتوكولًا ولا ترفًا، بل هي استثمار في الإنسان، وتحفيز للمجتمع، ووسام للوطن.
وكل منصة يتوّج عليها سعودي، إنما هي منصة يُرفع فيها اسم المملكة عاليًا، ليبقى الوطن في صدارة الأمم.. طبعًا، وطموحًا، وجوائزًا.
ولنتذكر دائماً أن أعظم جائزة لنا أننا ننتمي لهذا الكيان جنسية وانتماء وولاء لقيادته والتزاماً بالمسؤولية تجاهه..