: آخر تحديث

ترمب... والسخرية من الساخرين منه

5
7
9

الانقسام السياسي في أميركا ليس وليد اليوم، وليس حتى من تاريخ الحرب الأهلية بين الجنوبيين والشماليين، في عهد «المؤسس الثاني» لأميركا أبراهام لينكولن، بل يعود إلى حقبة التأسيس الأول، على يد الآباء الكبار، ومنهم جون آدمز وجيفرسون، هنا أنصح بمشاهدة مسلسل تاريخي رائع عن هذه الحقبة اسمه «جون آدمز».

اليمين واليسار، بكل تدرّجات الألوان هنا وهناك، سِمة راسخة في ملامح الحياة السياسية والثقافية في أميركا. لذلك، فإن تشكّل التسونامي الترمبي، المُعبّر عنه بحركة «ماغا» أو استعادة أميركا عظيمة من جديد، هو ردّ فعل طبيعي لسنوات «الاستبداد» الليبرالي المتياسر والجديد، في عهدي أوباما وبايدن، والعهد ليس بعيداً، وما زالت آثاره ماثلة معنا.

من أدوات هذه المرحلة، الأوبامية، الأولى والثانية والثالثة (نعني مرحلة بايدن) برامج السخرية السياسية، وكان من نجومها أشخاصٌ أمثال: جون ستيوارت، وجيمس كولبير، وأخيراً جيمي كيميل.

من الأخير نبدأ، حيث أعلنت الشبكة التي تبثّ برنامجه عن إيقاف التعاون معه، وكتب ترمب على منصته «تروث سوشال» ساخراً وشامتاً: «بشرى عظيمة لأميركا؛ برنامج جيمي كيميل الذي يعاني من تراجع في نسب المشاهدة تم إلغاؤه». وأضاف: «أهنّئ شبكة (إيه بي سي) على امتلاكها أخيراً الشجاعة للقيام بما كان ينبغي القيام به. كيميل لديه صفر موهبة، ونِسب مشاهدته أسوأ من كولبير، إن كان هذا الأمر ممكناً أصلاً!».

قبل ذلك، كانت شبكة «سي بي إس» أبلغت ستيفن كولبير، مقدّم برنامج «ذا ليت شو»، أنها ستلغي برنامجه الشهير اعتباراً من عام 2026.

وفي منشوره الأربعاء، طالب ترمب شبكة «إن بي سي» بمنع اثنين من الكوميديين المشهورين الآخرين، هما جيمي فالون وسيث مايرز، من الظهور على شاشتها.

العداوة بين ترمب، والتيار الترمبي كلّه، والميديا الأميركية، النيوليبرالية، عداوة مريرة، وكراهية متبادلة منذ أيام ترشحّه الأول للرئاسة، إلى اليوم، لكن الرجل عاد لينتقم منهم، وهو لا ينسى التفاصيل كلّها.

الحقّ أن السخرية المريرة من ترمب كانت مادّة ثرية لكل برامج السخرية السياسية، وهي البرامج ذات النكهة الأميركية، التي يحاول بعض المذيعين العرب والمحطّات المشغّلة لهم محاكاتها، من دون توفيق، واليوم الرجل يردّ الصاع أصواعاً وليس صاعين.

لكن، مرّة ثانية وثالثة أقول، هناك موجة ليبرالية مضادّة ستتشكّل ضد ترمب والترمبية، نرى ملامحها من بعيد، وستكون أعتى وأشرس من الموجة الأوبامية، وللأسف إن هذا التداول بين التطرّفين اليساري واليميني في أميركا ستنعكس آثاره على العالم، ونحن منه، سنتذكّر هذا بعد حين...!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد