> ما زالت «العالمية» تشغل بال العديد من السينمائيين الذين يطمحون إلى تبوّؤ مكانة عالية بين أترابهم، تمنحهم الموقع الذي يرغبون فيه.
> مبدئياً، الطموح مطلوب وهو شرط للارتقاء والتقدّم. من منّا ليس لديه طموح يحاول تحقيقه بما هو متاح له؟ هناك صحافيون ونقاد وممثلون ومخرجون وكتّاب سيناريو ومنتجون ومصوّرون ومؤلفو موسيقى وسواهم يؤمّون الطموح نفسه.
> لكن ما بعد هذا المبدأ أشبه بحقل من الطمي. يجب أن تكون للواحد منّا خريطة طريق تقيه التعثّر والسقوط. ومن يرسم هذا الطريق هو عدد من العناصر المهمّة.
> هناك خطّة عمل، وهناك إيمان بها، ومعرفة ينبغي على المرء أن يلمّ بها ليحقق هذا الطموح. أمّا الرغبة وحدها فلا تؤمّن شيئاً، بل هي سبيل لإضاعة الجهد والوقت ومفتاح للإحباط المبكر. كل خطوة في أي سبيل تحتاج إلى مؤونة، والعناصر الثلاثة المذكورة هي مؤونة ضرورية، بصرف النظر عن العمل الذي يشغله المرء.
> والسؤال بعد ذلك: ما الذي يريد المخرج فعله لتحقيق ذاته؟ ولأي السبب؟ وهل لديه الكيفية التي يمكن أن يوفرها لعمله؟
> اللافت هذه الأيام أنّ بعض المخرجين العرب ينشدون «العالمية» بأفلام رعب ينجزونها بحسابات السوق. يأتون بقصّة عن أشباح وأرواح، ويؤلفون أجواء داكنة، ويستخدمون ما اتُّفق عليه من بديهيات التصوير والمونتاج والموسيقى لأجل بناء الجو المطلوب.
> ربما هناك من سيشتري هذه البضاعة في نهاية الأمر. لكن ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ ما هي الخطوة التالية؟
> نادين لبكي، وهيفاء المنصور، وكوثر بن هنية، وهاني أبو أسعد، وزياد دويري، وسواهم، عمدوا إلى ما هو أهم: الاختلاف. انغمسوا في صنع أفلام تتحدّث عنهم وعن القضايا التي يمثّلون، وهذا ما صنعهم عالمياً، وهو الأفضل على أي حال.