حسين الراوي
«انْفُذِ الْحَقَّ إِذَا وَضُحَ فَإِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لاَ نَفَادَ لَهُ». من رسالة الخليفة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عند توليه القضاء، نقلها ابن القيم في إعلام الموقعين.
في مشهد معاصر مؤلم، صوّتت 142 دولة لصالح حل الدولتين، بما يعني إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، مقابل رفض عشر دول وامتناع أخرى عن التصويت. ورغم هذا التأييد الساحق الذي يعكس إرادة المجتمع الدولي، لم يُترجم القرار إلى خطوات عملية توقف العدوان الإسرائيلي المتواصل، خصوصاً في غزة حيث يستمر القتل والدمار بحق المدنيين يومياً من دون رادع فعلي.
بينما يتصاعد الإجرام الإسرائيلي، يقف العالم متفرجاً مكتوف الأيدي، لأن الولايات المتحدة ودول الغرب تمنح إسرائيل غطاءً سياسياً بلا حدود، فتتصرف وكأنها بمنأى عن أي محاسبة أو مواجهة، حتى من الدول العربية والإسلامية.
والأدهى أن ضعف العرب والمسلمين زاد الطين بلة... ونحن عاجزون عن كلمة توقف هذا الصمت الموجع.
رغم أن بعض الأصوات فرحت بتمرير القرار وعدّته انتصاراً، إلا أن الدبلوماسية الدولية، أعقد مما يتصورون، والقرارات بلا قوة تنفيذية تبقى مجرد شعارات جوفاء لا تغيّر شيئاً على أرض الواقع.
أما أنا، فحين أتأمل حال أمتنا أجدها غارقة في الضعف حتى حدود الخنوع والذل، فأصمت ويتكدّس في قلبي حزن عميق يثقل روحي.
ولا أملك في يدي سوى القلم، أتنفّس من خلاله على أوراقي، وأبث في سطور كلماتي ما يخفّف عن صدري ويصل إلى أعين القارئ، علّ الكتابة تكون متنفسي ووسيلتي الوحيدة لأبقى على ما يرام.
أكتب، فإذا كتبت شعرت أني على ما يرام، وأن روحي تجد متنفسها في الحروف والسطور، حتى ولو ظل العالم حولي غارقاً في الفوضى والوجع.
ولا أهرب إلى الكتابة للهروب من وجعي، بل أكتب لأواجهه وأخرجه إلى النور، فالكلمات هي طريقي للتنفّس والبقاء على ما يرام...