وفاء الرشيد
رغم أن العطر ظل رمزاً للرفاهية والأناقة، إلا أن أسواق المملكة، خصوصاً في مدينة الرياض، باتت تغصّ اليوم بعطور مركبة يدويًا تُباع على نطاق واسع في المولات والأسواق الشعبية مثل المعيقلية وشارع الثميري، من دون أي رقابة دقيقة أو تراخيص مهنية لتركيب العطور أو ضمانات على مكوناتها... حيث أصبحت مهنة من لا مهنة له..
ما يحدث هو تسويق لعطور تُركّب غالباً في ظروف غير صحية، وبأيدي عمالة غير مختصة، وباستخدام كحوليات ومواد كيميائية قد تكون ضارة بالصحة العامة... ومع غياب الإشراف الدقيق من وزارة التجارة، والصمت غير المبرر من وزارة الصحة، وغياب التأهيل من وزارة الموارد البشرية، فإن النتيجة هي سوق فوضوي يهدد الجلد والتنفس والهرمونات...
هل تعلمون أن هذه المكونات الخطرة قد تسبب العقم! قد تسبب السرطان! تسبب آثاراً على الرئة كارثية!
4 مكونات -سادتي- في العطور خطرة وخطرة جداً أهمها:
1. الفثالات: تُستخدم لتثبيت الرائحة، لكنها معروفة بقدرتها على تعطيل الهرمونات، والتأثير على الخصوبة وقد تسبب العقم، وقد تُمتص عبر الجلد مباشرة إلى مجرى الدم.
2. المسك الصناعي: بديل رخيص للمسك الطبيعي، يحتوي على مركبات قد تتراكم في أنسجة الجسم، وبعض أنواعه مصنفة كمسرطنة أو معطلة للغدد الصماء.
3. الفورمالديهايد: يُستخدم كمادة حافظة، لكنه مسرطن معتمد عالمياً، يسبب التهابات جلدية وتنفسية، وقد يؤدي للاختناق لدى مرضى الربو.
4. البنزين: مكوّن عطري يعطي «رائحة مميزة»، لكنه من أخطر المواد المسرطنة، ويرتبط بزيادة خطر سرطان الدم ومشاكل الجهاز التنفسي.
المشهد مخيف... والحل ليس معقداً، فالمطلوب أن نتعلم من تجارب العالم بضبط التركيب العطري (الذي يستعمله الكثير كمصطلح على أنه تركيب وليس تصنيعاً ليتفادى المخالفات من الحكومة):
• لاصق ترخيص رسمي إلزامي على كل عبوة عطر مركب، يُبيّن مكوناته، مصدر الكحول، تاريخ الإنتاج والانتهاء، واسم الفني المسؤول..
• تفعيل كود مهني لمهنة «فني تركيب العطور»، يمنع الممارسة لمن لا يحمل رخصة وتأهيلاً.
• ملاحقة المنشآت غير الملتزمة بالتراخيص الصحية والتجارية فوراً.
ما يُباع اليوم تحت مسمى «عطر فاخر بسعر زهيد» هو في كثير من الأحيان خليط سام يُلحق ضرراً تراكمياً بالصحة... ولن يتغير هذا الواقع إلا بمنظومة رقابية فاعلة تحمي الناس، وتضع حداً لهذا التسيّب الصحي والتجاري..
رائحة الخطر لا تُشم... لكنها تدمّر بصمت...